فلا بد من إسٍباغ الوضوء في أعضائه حتى يفعل ما أمره الله به جلا وعلا 0
(وخلل بين الأصابع) كذلك كونه يوصل الماء إلى الأعضاء أمر لازم والمبالغة في ذلك حتى يتيقن ذلك أمر مشروع للمؤمن (وخلل بين الأصابع) لأن الماء قد ينبو بين الأصابع فإذا عمه الماء صار التخليل مستحباً من باب كمال الإسباغ 0
(وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) كذلك يستحب لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ولا يبالغ فدل ذلك على أن المبالغة سنة بدليل الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين
فلما علمنا أن المرة تكفي علمنا أن المبالغة سنة وقربة وليست بواجبة لكن من باب الكمال
(إلا أن تكون صائماً) لأن الماء قد يذهب إلى جوفه من آثار المبالغة فينبغي له التوقي وعدم المبالغة التي يخشى منها هذا الشيء 0
بل السنة له أن يتمضمض ويستنشق ولكن بدون مبالغة لئلا يدخل وينحدر الماء إلى جوفه ومن تمام العناية بالوضوء وكماله المبالغة في المضمضة والاستنشاق وتخليل الأصابع ليكون وضوءك كاملا وتكون قد أسبغت الماء في محله
وهكذا رواية ((إذا توضأت فمضمض)) إسناده جيد عند أبي داوود
وفيها دلالة على أن المضمضة مأمور بها .. وقد جاء في فعله صلى الله عليه وسلم فهو تفسير للأمر الشرعي أمر الله في سورة المائدة في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا أقمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم ... } الآية 0 فإنها داخلة في غسل الوجه لأن المضمضة والاستنشاق من غسل الوجه ومجيء الأمر بها لتأكيد الوجوب 0
وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين ((إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر)) هذا كله يدل على وجوب الاستنشاق 0
والاستنشاق والمضمضة كلاهما واجب لكن مرة
والثنتان أفضل والكمال ثلاث مرات
وإذا وجب في الصغرى فالكبرى من باب أولى في غسل الجنابة والحيض .. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالكبرى وضوء الصلاة ثم يكمل غسل الجنابة وربما أبقى الرجلين إلى آخر شيء فيكملها تعد ذلك كل هذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم.
...
الحديث السادس والأربعون: وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء)) أخرجه الترمذي وصححه ابن خزيمة.
عثمان بن عفان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة كانت وفاته رضي الله عنه في ذي الحجة سنة 35 هـ شهيدا قتيلا على يد الظلمة رضي الله عنه وأرضاه وأكرم مثواه.
الحديث هذا أعله بعضهم بأحد رواته لأن في حفظه شيء وصححه آخرون كابن خزيمة وجماعة وله شواهد من حديث أنس رضي الله عنه وغيره.
والحق أن أحاديث التخليل يشد بعضها بعضا وتدل على شرعية التخليل وأنه سنة وإن لم يكن صلى الله عليه وسلم يفعله دائما بل يفعله بعض الأحيان لأنك إذا نظرت في أحاديث الوضوء فوجدتها دالة على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربما توضأ مرة مرة وأمر الماء على لحيته ولم يخللها فدل ذلك على أن التخليل منه وليس بواجب بل يستحب فعله لأنه صلى الله عليه وسلم فعله تارة وتركه تارة. . .
وإذا فعله الإنسان تارة وتركه تارة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا أقرب إلى فعل السنة والتأسي الكامل حتى يعلم غيره أنه ليس بواجب.
والنفوس إذا تعودت شيئاً قد تلزمه حتى تجعله كالأمر الواجب فالشيء الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحافظ عليه نحافظ عليه وما فعله تارة وتركه تارة نفعل مثله
وإذا كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في حاجه إلى أن يتعلموا ويستفيدوا من فعله وتركه فهكذا الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل وقت بحاجة إلى أن يستفيدوا من فعل العلماء من الفعل والترك.وفي حاجة إلى أن يستشعروا أن هذا شيء لازم , أو مستحب يجوز تركه حتى لا تجعل المستحب واجبا. . . . . . . .!
...
انتهى الشريط الثاني
الحديث السابع والأربعون: وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بثلثي مد، فجعل يدلك ذراعيه)) أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة.
ش / عبد الله زيد بن عاصم المازني الصحابي الجليل المشهور وهو الذي روى أحاديث الوضوء وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري صاحب الأذان هذا شخص وهذا شخص
¥