الحديث التاسع والأربعون: وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) متفق عليه واللفظ لمسلم.
ش / وفي رواية (غرته وتحجيله فليفعل)
هذا يدل على فضل الوضوء وأن هذه الأمة تأتي يوم القيامة وعلامتها أنها غر محجلة يعني من آثار الوضوء
لأن الله تعالى قد خصها بهذا الأمر العظيم وجعله علامة عليها. وهذا يدل على فضل الوضوء وأن هذه الأمة لها ميزة ولها علامة يوم القيامة وهي أنها تأتى غرا محجلة بسبب وضوئها الذي شرعه الله لها جل وعلا
أما قوله (من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) وفي رواية (وتحجيله فليفعل)
فاختلف الناس في ذلك فقال قوم من أهل الحديث أنه محفوظ وأنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستحبوا إطالة الغرة والتحجيل 0
* وإطالة الغرة: أن يأخذ بعض الرأس في غسل الوجه
وإطالة التحجيل: أن يأخذ بعض العضدين وبعض الساقين وما زاد من ذلك فهو أفضل وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يمد في غسل ذراعيه إلى الإبطين وفي غسل رجليه إلى الركبة ولا سيما إذا خلا ولا يفعله إذا كان عنده أحد هذا من اجتهاده رضي الله عنه وأرضاه ويتأول هذه الرواية
* وقال آخرون: ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا مدرج من كلام أبي هريرة رضي الله عنه فهمه من قوله (غرا محجلين) فزاد من كلامه (فمن استطاع منكم .... ) إلى آخر الحديث وأن هذا من كلامه الموقوف المدرج وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأن إطالة الغرة غير متيسرة لأن الوجه مستقل والرأس مستقل فإذا أطال وزاد أخذ من الرأس ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه أطال التحجيل ولا الغرة بل كان يغسل الذراعين فقط والمرفقين ثم يشرع في العضد لإدخال المرفق ويشرع في الساقين لإدخال الكعب فقط كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 0
كان إذا توضأ غسل ذراعيه حتى يشرع في العضد وإذا غسل الرجلين شرع في الساق
وهذا للدلالة على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء وأنهما مغسولان تبع الذراع وتبع القدم
أما أن يمد الذراع إلى الإبط أو ما حول ذلك فلا وهكذا في الساق لم ينقل عنه أنه كان يمد في غسل الساق فدل ذلك على أنه من كلام أبي هريرة رضي الله عنه وأنه مدرج ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد أطال في هذا العلامة ابن القيم رحمه الله وبسط القول وأيد هذا القول0
وفي رواية للإمام أحمد رحمه الله عن نعيم المجمر الراوي لهذا الحديث أنه يشك هل هذه الكلمة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه
ورواه عدد وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا هذه الزيادة (من استطاع منكم) بل اقتصروا على قوله (من آثار الوضوء) وهذا يؤيد أن الزيادة من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأرجح والأظهر أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه أدرجها في الحديث 0 وأنه لا يستحب أن يطيل في غسل الساق ولا في غسل العضدين ولكن يغسل المرفقين مع الذراع ويغسل الكعبين مع القدم كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك 0
* ويكون معنى (إلى) بمعنى (مع) (إلى المرفقين) أي مع المرفقين (إلى الكعبين) أي مع الكعبين
فالسنة تفسر القرآن وتوضح معنى القرآن الكريم
وهذا مثل قوله جل وعلا (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) أي مع أموالكم 0
...
الحديث الخمسون: وعن عائشة رضي الله عنهما قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم ((يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله)) متفق عليه وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن ...... الخ
ش / هذا يدل على شرعية التيامن في الأشياء وعدم البداءة باليسار وأن الأفضل هو التيمن في التنعل فيبدأ باليمنى حين ينتعل، ويبدأ بالشق الأيمن حينما يترجل يرجل رأسه، وحين يحلق كما في الصحيح أنه بدا بالشق الأيمن لما حلق في حجة الوداع 0
وهكذا في طهوره يبدأ باليمنى في يديه وفي رجليه وشقه الأيمن في الغسل
¥