قال ((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثلثي مد فجعل يَدْلُك ذراعيه)) أخرجه أحمد و صححه ابن خزيمة
هذا يدل على اختصاره واقتصاده في الماء فكان صلى الله عليه وسلم يقتصد في الماء ولا يكثر صب الماء جاء أنه توضأ بالمد وهنا بثلثي المد. فهذا يدل على أنه كان يقتصد في الماء هذا هو المشروع للمسلم في الوضوء أن يقتصد وأن لا يكثر صرف الماء ولو كان على نهر جار بل السنة الاقتصاد في ذلك وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على هذا.
وفيه شرعية العناية بالوضوء بالدلك وهو مسح الشيء والعناية به وإمرار اليد عليه وهذا مستحب وليس بلازم لأن غالب الأحاديث فيها إمرار الماء على الأعضاء بغير دلك. إمرار الماء على الأعضاء هو الإسباغ إذا مرا الماء على الأعضاء هو الإسباغ فإن دلك العضو بأن مسحه بيده ودعكه بيده فهذا مزيد عناية لإزالة ما قد يكون هناك من الأوساخ ولعل هذا يستحب عند دعاء الحاجة إليه فلعله دلك لدعاء الحاجة إليه فإنه وإن كان قليلا فإن الدلك لا ما نع منه إذا دعت الحاجة إليه وسبق لك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يفعل بعض الشيء تارة ويدعه أخرى لبيان الجواز والمهم إسباغ الماء وأن لا يكون مسحا وهو إمرار الماء هذا هو الواجب وإذا دلك بعض الأحيان أو دعت الحاجة إلى الدلك فلا بأس بذلك وهذا سنة وليس بواجب بدليل أنه تركه في كثير من الأحيان ـ عليه الصلاة والسلام.
دلك يدلُك من باب نصر ويحتمل على قاعدة بعض أهل اللغة أنه يجوز فيه الوجهان فإن بعض أئمة اللغة على القاعدة: إذا تجاوزت الأفعال المشهورة بالضم والكسرة مضارعها فما سوى ذلك يكون فيه الضم والكسر يفعِل ويفعُلُ.
ورواها صاحب القاموس وغيره من باب نصر دلك يدلك
...
الحديث الثامن والأربعون: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماءا غير الماء الذي أخذه لرأسه. أخرجه البيهقي وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: ومسح برأسه بماء غير فضل يديه وهو المحفوظ.
هذا يستدل به إن صح سنده على استحباب أخذ ماء للأذنين غير ماء الرأس، والمحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة مثل حديث عبد الله بن عمرو المتقدم وغيره أنه كان يمسح رأسه بماء واحد مع الأذنين هذا هو المحفوظ في الأحاديث الصحيحة أنه كان يمسحهما بالماء الذي أخذه لرأسه
لكن إن صح حديث البيهقي ـ هذا ـ فيكون من فعله صلى الله عليه وسلم بعض الأحيان يفعله و بعض الأحيان يتركه ولم يتيسر لي مراجعة البيهقي ومن روى هذا الحديث. . . .
لكن ظاهر كلام الحافظ أنه غير محفوظ أخذ ماء للأذنين ولهذا قال بعده: وأصله في مسلم من هذا الوجه بلفظ ((ومسح برأسه بماء غير فضل يديه)) هذا هو المحفوظ
يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يمسح رأسه بماء جديد غير الماء الذي بقي في يديه من غسل ذراعيه
وهذا لا شك أنه ثابت في الأحاديث أنه كان يأخذ ماءا جديدا غير الماء الذي أخذه من أجل الذراعين.
هذا هو الثابت في الأحاديث الصحيحة
هذا هو الواجب أما أخذ ماء للأذنين فهو محل نظر.
وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يأخذ لأذنيه ماءا جديدا ولا شك في جواز ذلك لا بأس أن يأخذ لهما ماءا جديدا ولا سيما إذا كان الماء الذي في يديه ضعيف استغرقه الرأس ويبست اليدان يأخذ لهما ماءا جديدا أما إذا كانت اليدان رطبتين كفى مسح الأذنين بماء الرأس
أما كون ذلك من السنة في بعض الأحيان وأنه يستحب أن يأخذ ماءا جديدا في بعض الأحيان هذا يحتاج إلى العناية برواية البيهقي وما جاء في معناها فإن ثبتت فإنها الأصل وأن الأذنين تمسحان بماء الرأس هذا هو الأفضل هذا هو المحفوظ المعروف لكن لا مانع من مراجعة رواية البيهقي وما جاء معناها للتثبت في الأمر لان كونه صلى الله عليه وسلم
مسح رأسه بماء مستقل لا يمنع من مسح أذنيه بعض الأحيان بماء جديد إذا ثبت به السند
* وقد سبق لك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يخلل لحيته بعض الأحيان ويتركها في بعض الأحيان لبيان السنة وأن التخليل ليس بواجب
وهكذا تخليل أصابع اليدين والرجلين تقدم أنه سنة لأنه لم يكن يخلل في كل الأحاديث وفي ظاهر كثير من الأحاديث أنه يغسل القدمين والذراعين غسلة واحدة من دون ذكر التخليل لبيان الجواز وأن المرة تكفي والثنتان أفضل والثلاث أفضل من ذلك كله
...
¥