والمشهور عند العلماء أن العصائب التي تمسح هي التي تحنك تدار على الحنك فهي محنكة بخلاف العصائب التي مثل الطاقية فإنها على الرأس فقط فيقال لها مقعطة هذه لا يمسح عليها لأنها ليست العمائم المعروفة عند العرب ولأنه لا يشق نزعها فإن نزعها أسهل شيء بخلاف التي تدار وتربط على الرأس فإنه قد يشق على صاحبها حلها وتعوقه عن بعض الشيء كما أن خلع الخفين ممكن لكن فيه بعض المشقة فرحم الله عباده وشرع المسح تخفيفا وتيسيرا
والحديث ليس فيه ذكر التوقيت لكن تقدم ذكر التوقيت في حديث علي وصفوان كما تقدم
...
الحديث التاسع والستون: وعن عمر رضي الله عنه ـ موقوفا وعن أنس مرفوعا ((إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة)) أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه.
ش /
إذا قيل (موقوف) فالمراد أنه من كلام الصحابي ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم هذه قاعدة أهل الحديث إذا قيل جاء الخبر عن فلان موقوفا يعني من كلامه ـ عن عمر موقوفا ـ عن أنس موقوفا عن عمر موقوفا أي من كلامه
وإذا قيل مرفوعا أو رواية أو ينميه أو يبلغ به فالمراد به أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كما قال الحافظ العراقي رحمه الله وقوله:ـ
وقولهم يرفعه يبلغ به رواية يَنْميه رفعٌ فانتبه
فأهل الحديث ذكروا هذه الألفاظ فإذا قيل موقوفا أو وقفه على فلان أو قصره على فلان فهذا من كلامه ((إذا توضأ أحدكم)) روى هذا اللفظ موقوفا ومرفوعا ((إذا توضأ أحدكم فلبس خفية فليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة)
هذا يدل على أن المسح إنما يكون بعد الوضوء بخلاف الذي يلبسهما على طهارة فإنه لا يمسح وقد تقدم هذا لقوله للمغيرة عند ما أراد خلعهما. دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين يشترط للمسح أن يكون لبسها على طهارة فإذا لبسهما على طهارة فإنه يمسح عليهما ويصلى فيها فضلا من الله ورحمة منه وتخفيفا وتسهيلا ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة
قوله (إن شاء) لبيان أنه ليس بواجب لو خلع فلا بأس به لكن إذا أبقاهما مدة المسح فلا بأس من باب التيسير والرفق وإن خلعهما وأحب أن يغسل رجليه قبل أن تتم المدة فلا بأس فلو لبسها مثلا الضحى ومسح عليهما الظهر والعصر ثم أحب أن يخلعها العصر فهو مخير إن شاء كمل المدة وإلا خلع
ولهذا قال
(ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة) أي لا يخلعهما مدة المسح (إن شاء) فالأمر بالخيار أما الجنابة فلابد من الخلع وهكذا الحيض والنفاس لا يمسح الخفين ولا في العمامة للجنابة وتقدم هذا في حديث صفوان بن عسال (ولكن من غائط وبول ونوم) يعني من الحدث الأصغر
أما لو تطهرت الحائض والنفساء قبل الحيض وقبل النفاس ولبست خفيها على طهارة ثم حاضت أو ثم نفست ثم طهرت 0
فلا تغتسل والخفان في رجليها. وإن كان هذا لا يقع لأن الحيض يتجاوز المدة في الغالب مدة ثلاث ليال في السفر
والنفاس أكثر وأكثر ولكنه قد يقع هذا في الحيض قد تلبس الخفين على طهارة ثم تحيض لمدة يومين والمدة ثلاث ليال ما تمت
لكن الذي يقع كثيرا الجنابة
ولهذا ذكر الجنابة لأنها هي التي تقع للمسافر وغير المسافر فبين عليه الصلاة والسلام أنه يخلع ولا يمسح من الجنابة
وهذه الأحاديث ليس فيها توقيت ولكنها مطلقه وحديث علي المتقدم وحديث صفوان فيها التقييد والتوقيت
هكذا حديث أبي بكرة الثقفي
...
الحديث السبعون: وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليها)) أخرجه الدار قطني وصححه أبن خزيمة.
أبو بكره الثقفي و إسمه نفيع بن مسروح أو بن الحارث. وهو صحابي جليل أسلم عام الطائف، لما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف نزل من بعض حصون الطائف فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان رقيقا فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم. وأسلم وحسن إسلامه وله ذرية وله أولاد صلحاء أخيار علماء
أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسافر أن يمسح خفيه ثلاثة أيام وللمقيم يوما وليله إذا أتطهر ولبس خفيه
/ هذا يبين لك أن المسح مؤقت وأنه بعد الطهارة فيقيد ما تقدم من حديث عمرو وثوبان وأنس وما جاء في معناها وأنها مقيدة بالمدة وهذا هو قول جمهور أهل العلم
¥