تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».

فتأمل معي أيها القارئ الكريم هذه الآيات والأحاديث التي تحثنا على الإخلاص لله، فالإخلاص مطلب عزيز، لا يصل إليه إلا عباد الله الصالحين.

فأخلص النية لله تعالى، وجعل حركاتك وسكناتك في السر والعلانية لله تعالى وحده، واحرص على الخير، عبادةً وذكراً، وإحساناً وبراً، قاصداً رب العالمين، متواضعاً له، شاكراً على نعمه الكثيره، خائفاً من التفريط والتقصير، ولا تلتفت لوساس الشيطان؛ لأنه يريد منك أن تنقطع ولا تستمر في طريقك إلى الله بوسوسته لك بأنك غير مخلصٍ لله.

ومما يعين على الإخلاص عدة أمور، منها:

1 - استحضار عظمة الله، وأن النفع كله بيده، فإن حياة الإنسان وصحته وهواءه وماءه وأرضه وسماءه بيد الله، وليس لأحد تصرف في صغير ولا كبير حتى يقصد بالعمل أو بشيء منه، قال الله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ)) [الأعراف:194]. وقال تعالى: ((ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)) [فاطر:13 - 14].

2 - مجاهدة النفس على الإخلاص، فقد قال تعالى: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) [العنكبوت:69].

3 - العلم بخطر الرياء، فقد حذر الله منه بقوله: ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) [الزمر:65].

4 - أن تستعين بدعاء الله سبحانه بأن يوفقك للإخلاص، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً نتخلص به من الرياء، فقد روى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: «أيها الناس: اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل»، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه؟ وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله، قال: «قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه». وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله بقوله: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، ودعاء لا يسمع» رواه أحمد.

< div align="center"> الشرط الثاني

إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم

والشرط الثاني هو موافقة العمل للشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يُعبد إلا به وهو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الشرائع. فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».

قال ابن رجب رحمه الله: هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أن حديث: «إنما الأعمال بالنيات» ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء.

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وهديه ولزومهما قال عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» وحذَّر من البدع فقال: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كلَّ بدعة ضلالة».

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير