نظر فيما يعانيه المتزوجون من خسائر في أموالهم وأوقاتهم وأبدانهم علم أن اليسر والسهولة ليست في إباحة هذه الطبول.
4 - -استدلال العبيكان بأقوال لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ عبدالمحسن العبيكان نحسن الظن به وإن كنا نأمل أن تكون الفتاوى موثقة في موضوع تتوافر الهمم على نقله مكتوبة أو مسموعة حيث كثر في المتأخرين الاستدلال بأقوال الأئمة فاحتجنا إلى التوثيق حتى لا ينسب إلى الأئمة ما ليس من أقوالهم، خاصة أنه قد نقل عن الشيخ العثيمين ما هو مخالف لما نقله العبيكان في موضوع العرضة، كما إننا ننتظر من كبار طلاب الشيخين ما يفيد التأكيد على ما نقله العبيكان عنهما لأنهم ألزم للشيخين وأعرف بفتاويهما. مع العلم أن الحجة على كل أحد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
5 - استدلاله بأعراف الناس وأفعالهم، وهذا ليس دليلا شرعيا تصادم به النصوص بإجماع أهل العلم إلا ماكان من فعل أهل المدينة في زمن التابعين، وقد اختلف فيه أما غيره فحاشا وكلا فكيف يصير أهل زماننا حجة على الأحكام الشرعية ولاحول ولاقوة إلا بالله.
6 - استدل الشيخ العبيكان بأدلة خاصة وهي أهم ما جاء في فتواه وأخصها حديث رواه الطبراني في المعجم الكبير (22/ 201) أن هبار زوج ابنته فضرب في عرسها بالكبر والغربال فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا قالوا: زف هبار ابنته فضرب في عرسها بالكبر والغربال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أ شيدوا النكاح أشيدوا النكاح هذا نكاح لا سفاح).
ثم ذكر العبيكان أن الألباني رحمه الله حسنه في صحيح الجامع والسلسلة الصحيحة، ثم ذكر أن الكبر: هو الطبل وقيل هو الطبل ذو الرأسين.
قلت: وما فعله الشيخ هنا يدل دلالة واضحة على أهمية التثبت في النقل والتروي في نسبة الأقوال إلى الأئمة، فنسبته تحسين هذا الحديث إلى الألباني مع القصة غلط واضح من وجهين:
الأول: أن الشيخ الألباني رحمه الله لم يحسن إسناد الحديث بهذه القصة التي فيها محل الاستدلال: بل قال رحمه الله بعد أن ضعف أسانيد هذه القصة قال في السلسلة الصحيحة (3/ 484): وجملة القول أن هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف لاضطرابه وجهالة بعض رواته، وضعف آخرين منهم،
فالذي حسنه الألباني من هذا الحديث إنما هو جملة أشيدوا النكاح، وذلك لوجود شواهد أخرى لهذه اللفظة فحسب، وأما القصة فالألباني رحمه الله برئ من تحسينها وتقويتها براءة الذئب من دم يوسف، كيف وقد قال في سند الحديث:
وهذا إسناد ضعيف مجهول، عبدالله بن هبار وابنه يحيى لم أجد من ترجمها، وأبو معشر اسمه نجيح ضعيف، وفي الطريق الأولى محمد بن عبيد الله العرزمي وهو متروك
كيف بعد هذا ينسب إلى الشيخ الألباني تحسين الحديث وتقويته بهذه القصة الواهية الضعيفة التي بنى عليها الشيخ العبيكان تحليله للطبل.
2 - أن الشيخ الألباني رحمه الله تعالى قال في كتابه تحريم آلات الطرب ص 92:
اعلم أخي المسلم أن الأحاديث المتقدمة صريحة الدلالة على تحريم آلات الطرب بجميع أشكالها وألوانها وأونواعها نصا على بعضها كالمزمار والطبل والبربط، وإلحاق لغيرها بها
كما نسب فضيلة الشيخ العبيكان – وفقه الله- إلى الإمام أحمد رحمه الله أباحة الطبل في الحرب وهو خلاف نص الإمام، فقد روى الخلال في كتابه الأمر بالمعروف: عن أحمد أنه قال:
وأكره الطبل وهو الكوبة نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستثناء الحرب ليس في نص الإمام كما زعمه أصحابه
قال ابن قدامة في المغني: وقال أحمد رحمه الله لا بأس بالدف في العرس والختان وأكره الطبل وهو المنكر وهو الكوبة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم
وأما آخر سهم في كنانة الشيخ العبيكان فهو ما ذكر من الاختلاف في تفسير الكوبة وهذا الاختلاف الذي وقع بين الفقهاء وبعض أهل اللغة كان ينبغي أن يكون سببا في التورع عن القول بالإباحة حيث إن أحد القولين محتمل وذلك حتى يتبين الأمر فربما كان المقصود بالكوبة الطبل، فكيف تجرأ الشيخ على الإباحة دون تبين، وقد تقرر عند أهل الأصول أنه إذا اجتمع حاظر ومبيح غلب جانب الحظر، وقد نقل ابن قاسم الإجماع على استحباب الخروج من الخلاف احتياطا ولاشك أن الأمر إذا تردد بين أن يكون حراما أو حلالا أن الاحتياط تركه كما لا يخفى.
¥