تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهم السلف من الصحابة، والتابعين، ومن سار على نهجهم، الذين آمنوا بوجوب هذه المحبة حكماً، وقاموا بمقتضاها اعتقاداً، وقولاً، وعملاً. فأحبوا النبي صلى الله عليه وسلم فوق محبة النفس، والولد، والأهل، وجميع الخلق، امتثالاً لأمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا أولى بهم من أنفسهم تصديقاً لقوله تعالى: ?النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً? [الأحزاب: 6].

وإن دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من أشرف العلوم، وأعزها، وأسناها هدفاً ومطلباً، وبها يعرف المسلم أحوال دينه ونبيه، وما شرفه الله تعالى به من أرومة الأصل وكرم المحتد، ثم ما أكرمه به من اختياره للوحي والرسالة، حمل عبء الدعوة إليه، وإلى دينه، ثم ما قام به صلى الله عليه وسلم من بذل الجهود المتواصلة، وما عاناه من البلاء والمحن في هذا السبيل، وما حظي به من نصرة الله وتأييده بجنود غيبه المكنون، وملائكته البررة الكرام، وبتوجيه الأسباب، وإنزال البركات، وخوارق العادات، وغير ذلك (5).

وقد اخترت موضوع ولادة النبي صلى الله عليه وسلم لدراسته من جميع النواحي، حيث سأتحدث بعد هذه المقدمة عن الأمور التالية:

1) ولادة النبي صلى الله عليه وسلم.

2) تاريخ الولادة.

3) أول من احتفل بالمولد النبوي.

4) أقوال العلماء في الاحتفال بالمولد النبوي.

ولادة النبي صلى الله عليه وسلم (6)

ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة، ولما ولد خرج نور أضاءت له قصور الشام، وقد أرسلت أمه بعد ولادته إلى جده عبد المطلب لتبشره بحفيده، فجاء مستبشراً، ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له، وسماه محمد، رجاء أن يحمد، وهذا الاسم لم يكن معروفاً في العرب، وعق عنه، وختنه في السابع من يومه، وأطعم الناس، كما كان العرب يفعلون.

وأول من أرضعته من المراضع – وذلك بعد أمه صلى الله عليه وسلم بأسبوع – ثويبة مولاة أبي لهب، بلبن ابن لها، يقال له مسروح، وكانت حاضنته أم أيمن (بركة الحبشية)، مولاة والده عبد الله، وقد بقيت حتى أسلمت، وهاجرت، وتوفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر أو بستة أشهر.

وقد رويت العديد من القصص والأخبار التي لم تثبت صحتها عن ولادة النبي صلى الله عليه وسلم، منها:

1) أن أمنه أم النبي صلى الله عليه وسلم لم ترى أخف، ولا أيسر حملاً منه صلى الله عليه وسلم، وأنها كانت تلبس التعاويذ من حديد فيتقطع، وأنها رأت في منامها بشارة بجليل مقامه، وأمرت بتسميته بمحمد، ورأت عند استيقاظها صحيفة من ذهب فيها أشعار لتدعو له بها.

2) أنه صلى الله عليه وسلم وقع حين ولدته وقوعاً ما يقعه المولود، معتمداً على يديه، رافعاً رأسه إلى السماء، وأنه وضع تحت قدر من حجر، فانفلقت عنه ليبقى بصره شاخصاً إلى السماء، وأنه ولد مختوناً أو ختنه جبر يل عليه السلام.

3) وأن الجان هاتفوا في ليلة مولده، تبشيراً به.

4) وأن بعض الأصنام في المعابد الثونية بمكة انتكاست.

5) وأن إيوان كسرى ارتجاس وسقطت أربع عشرة شرفه من شرفه، وخمدت نيران المجوس، وغيض بحيرة ساوة، ورؤيا الموبذان الخيل العربية تقطع دجلة، وتنتشر في بلاد الفرس.

تاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم (7)

لقد اختلف علماء السير في تحديد تاريخ ولادته صلى الله عليه وسلم، فمنهم من قال: في ربيع الأول، وهو المعروف، ومنهم من قال: كان مولده في رمضان. وهذا القول موافق لقول من قال: أن أمه حملت به في أيام التشريق. ويذكرون أن الفيل جاء مكة في المحرم، وأنه صلى الله عليه وسلم ولد بعد مجيء الفيل بخمسين يوماً.

والجمهور على أن ذلك كان في ربيع الأول، واختلفوا أيّ يوم هو منه؟ على أقوال:

1) ولد في اليوم الثاني من ربيع الأول، وهو قول ابن عبد البر، مستندًا على رواية الواقدي عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير