2) ولد في الثامن من ربيع الأول، وهو قول ابن حزم، وفيه رواية مالك عن محمد بن جبير بن مطعم، ونقل ابن عبد البر في الاستيعاب تصحيح أهل الفلك له، وهو المقطوع به عند الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي، ورجحه الحافظ أبو الخطاب ابن دحية في كتابه التنوير في مولد البشير النذير.
3) ولد في العاشر من ربيع الأول، وهو قول الشعبي وأبي جعفر محمد الباقر.
4) ولد في الثاني عشر من ربيع الأول، نصّ عليه ابن إسحاق، وفيه رواية ابن أبي شيبة عن ابن عباس وجابر، وهو المشهور عند الجمهور.
5) ولد في السابع عشر من ربيع الأول، وهو قول الشيعة.
وليس المقصود التحقق في يوم مولده صلى الله عليه وسلم، وإنّما الإشارة إلى أنّ العلماء لم يتفقوا على أنّ مولده كان في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول؛ إلا أن القول بأنه كان الثامن من ربيع الأول أقوى وأرجح لعدَّة أمور:
1) أنه الذي نقله مالك وعقيل ويونس بن يزيد ـ وهم من هم ـ عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم.
2) أنّ هذه الرواية أكدتها حسابات الفلكيّين الدقيقة، كما نقل ذلك عنهم ابن عبد البر.
3) أنّ هذا القول رجَّحه جمع من أهل العلم المحققون منهم، كابن حزم والحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي والحافظ ابن دحيَّة في كتابه (التنوير في مولد البشير)، وهو أول كتاب صُنِّف في استحباب المولد.
ولكن وقع أيضاً في شهر ربيع الأول حدثان عظيمان آخران، هما أهمّ من حدث المولد ألا وهما: موت النبي صلى الله عليه وسلم، وهجرته إلى المدينة.
أول من احتفل بالمولد النبوي (8)
إن الناظر في السيرة النبوية، وتاريخ الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، وتابع تابعيهم، بل إلى ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين سنة هجرية لم نجد أحداً، من العلماء، أو من الحكام، أو حتى من عامة الناس قال بالاحتفال بالمولد النبوي، أو أمر به، أو حث عليه، أو تكلم به.
وإن أول من ابتدع ذلك هم ملوك الدولة الفاطمية في القرن الرابع الهجري، ومن تسمى منهم باسم (المعز لدين الله)، ومعلوم أنه وقومه جميعاً إسماعيليون زنادقة، متفلسفون. أدعياء للنسب النبوي الشريف، فهم من ذرية عبد الله بن ميمون القداح اليهودي الباطني، وقد ادعوا المهدية، وحكموا المسلمين بالتضليل والغواية، وحولوا الدين الى كفر وزندقة وإلحاد.
فهذا الذي تسمى (بالحاكم بأمر الله)، هو الذي ادعى الألوهية، وأسس جملة من المذاهب الباطنية الدرزية أحدها، وأرغم المصريين على سب أبي بكر وعمر وعائشة وعلق ذلك في مساجد المسلمين، ومنع المصريين من صلاة التراويح، ومن العمل نهاراً إلى العمل ليلاً، ونشر الرعب والقتل، واستحل الأموال، وأفسد في الأرض، مما تعجز المجلدات عن الإحاطة به.
وفي عهد هؤلاء الفاطميين أيضاً وبإفسادهم في الأرض أكل المصريون القطط والكلاب وأكلوا الموتى، بل وأكلوا أطفالهم، وفي عهد هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة المولد تمكن الفاطميون والقرامطة من قتل الحجاج وتخريب الحج، وخلع الحجر الأسود.
وقال تقي الدين المقريزي: «كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي موسم رأس السنة وموسم أول العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي r، ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومولد الحسن ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد فاطمة الزهراء عليها السلام، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه ... » اهـ.
وقال الشيخ محمد بن بخيت المطيعي: «مما أحدث وكثر السؤال عنه الموالد، فنقول: إن أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، وأولهم المعز لدين الله .. الخ» اهـ.
وقال الشيخ علي محفوظ: «قيل أول من أحدثها - أي الموالد- بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع، فابتدعوا ستة موالد: المولد النبوي، ومولد الإمام علي صلى الله عليه وسلم، ومولد السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومولد الخليفة الحاضر ... الخ» اهـ.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي (9)
اعلم أيها القارئ الكريم أن الاحتفال بالمولد النبوي، لم يدل عليه دليل من الكتاب، ولا من السنة، ولا الإجماع، ولا القياس الصحيح، ولا حتى دليل عقلي يدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، ومن جملة الأدلة التي تدل على عدم مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، هي:
¥