ويجيب عن ذلك الإمام البيهقي بقوله في الدلائل (1/ 192, 193): " وكفرُهم لا يقدح في نسب رسول اللَّه (ص) , لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد، ولا مفارقتهن؛ إذ كان مثلُه يجوز في الإسلام. وباللَّه التوفيق ". كما لا يقدح في إبراهيم أن ينتهي نسبه إلى أبيه المشرك بنص القران, والدليل على ذلك من قول الصحابة- فمنهم تؤخذ اللغة-: عن علي رضى الله عنه قال: " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت:تستغفر لأبويك وهما مشركان!؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك؟ قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم!؟ فنزلت: {ما كان لله والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} أخرجه النسائي (11/ 28) والترمذي (4/ 120) وحسنه, وابن جرير (11/ 28)، والحاكم (2/ 335) وقال صحيح الإسناد, وأحمد (771, 1085) والسياق له. قال الألباني إسناده حسن, وهو كما قال, لأن في إسناده أبو الخليل الكوفي- عبد الله بن خليل الحضرمي-, وقد روى عنه الشعبي, وهو لا يروي إلا عن ثقة يحتج بحديثه كما قال ابن معين في ترجمة الشعبي من تهذيب الكمال. (انظر هنا لزاما الهامش رقم (1و 2) ص16 فهو في غاية الأهمية).
الشبهة الرابعة: هذا قول لا يتفق مع منزلة الرسول (ص) وقدره, ولا يتفق مع محبتنا له.
الرد: هذا من غلوهم في تعظيم وحب النبي (ص) , فينكرون أن يكون أبواه (ص) كما أخبر هو نفسه عنهما, كأنهم أشفق عليهما منه (ص). ومن التجني أن يوصف من يتمسك بالأحاديث الصحيحة بسوء الأدب، وواللَّه لو صحت الأحاديث في إسلام والدي النبي صلى الله عليه وسلم لكنا أسعد الناس بها, كيف وهم أقربُ الناس لرسول اللَّه (ص) الذي هو أحبُّ إليَّ من نفسي، واللَّه على ما أقول شهيد. ولكننا لا نتبنى قولاً ليس عليه دليلٌ صحيح, ولكن كثيرًا من الناس من يتخطى المحبة الشرعية, ويخالف الحجة ويحاربها.
الشبهة الخامسة: أن حديث أنس منسوخ بحديث أن الله أحيا أبوي النبي (ص) ليؤمنا به.
الرد: قال ابن الجوزي في الموضوعات (1: 284): [هذا حديث موضوع لا يشك فيه, والذي وضعه قليل الفهم, عديم العلم, إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة, لا بل لو آمن بعد المعاينة, ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى" فيمت وهو كافر", وقوله (ص) .. وذكر ابن الجوزي حديث الاستئذان .. ]. وهو حديث موضوع باطل كما قال الدارقطني والجوزجاني وابن عساكر والذهبي والعسقلاني كما قال الألباني في الصحيحة (2592). وهكذا عارض السيوطي هذه الأحاديث الصحيحة بأحاديث منكرة وباطلة.
والسيوطي يعلم –كما يعلم كل من شم رائحة الأصول- أن النسخ لا يقع في الأخبار, وإنما في الأحكام. فلا يعقل أن يخبر النبي (ص) عن شخص أنه في النار, ثم ينسخ ذلك بقوله إنه في الجنة .. !! هذا كلام لا يقول به عاقل.
الشبهة السادسة: تأويل الأب في حديث أنس على أنه العم, كما قال القرضاوي في كتابه كيف نتعامل مع السنة (117).
الرد: هذا ضعيف باطل, لأنه خلاف الظاهر والمتبادر-كما قال القرضاوي أيضا-, لأنك عندما تسأل جارك مثلا: هل رأيت أبي اليوم؟ يفهم منه الجار- قطعا وفي الحال- أن المقصود هو الوالد .. , فتأمل. وإليك الدليل على ذلك من قول الصحابة- فمنهم تؤخذ اللغة-: عن علي رضى الله عنه قال: " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت:تستغفر لأبويك وهما مشركان!؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك؟ قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم!؟ فنزلت: {ما كان لله والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} أخرجه النسائي (11/ 28) والترمذي (4/ 120) وحسنه, وابن جرير (11/ 28)، والحاكم (2/ 335) وقال صحيح الإسناد , وأحمد (771, 1085) والسياق له. قال الألباني إسناده حسن, وهو كما قال, لأن في إسناده أبو الخليل الكوفي- عبد الله بن خليل الحضرمي-, وقد روى عنه الشعبي, وهو لا يروي إلا عن ثقة يحتج بحديثه كما
¥