وأما الاسمين الباقين فتختلف القوائم فيهما اختلافاً بيناً، فيذكر متى ومرقس اسم سمعان القانوي، فيما يذكر لوقا في الإنجيل والأعمال سمعان الغيور.
ويذكر متى ومرقس اسم تداوس فيكملان به الاثني عشر، فيما يذكر لوقا في إنجيله وأعمال الرسل يهوذا بن حلفي.
وإذا كانت الأناجيل تختلف بأمر بمثل هذه الأهمية والوضوح، فكيف لنا أن نثق بما وراء ذلك من أخبار ووقائع وتفصيلات تعرضها عن حياة المسيح وغيره.
من الذي طلب الملكوت الأم أم ابناها؟
ومن تناقضات الأناجيل أيضاً ما تناقض فيه متى مع مرقس، فقد ذكر متى أنه " تقدمت إليه أم ابني زبدي مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئاً وقالت له: قل: أن يجلس ابناي هذان، واحد عن يمينك، والآخر عن اليسار في ملكوتك، فأجابها يسوع: لستما تعلمان ما تطلبان ... " (متى 20/ 20 - 23).
وفي مرقس تذكر القصة نفسها وبنفس حيثياتها، لكن الذي طلب الملكوت هما الابنان وليس أمهما كما ذكر مرقس: " وتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين: يا معلّم نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا. .. فقالا له: أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك، والآخر عن يسارك في مجدك. فقال لهما يسوع: لستما تعلمان ما تطلبان .... " (مرقس 10/ 35 - 38).
هل أوصى المسيح تلاميذه بأخذ العصا والأحذية أم أوصاهم بتركها؟
ومن التناقضات أن مرقس يذكر وصية المسيح لتلاميذه بعد أن أعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة فقال: وأوصاهم أن لا يحملوا شيئاً للطريق غير عصا فقط، لا مزوداً ولا خبزاً ولا نحاساً في المنطقة، بل يكونوا مشدودين بنعال، ولا يلبسوا ثوبين " (مرقس 6/ 8 - 9).
لكن الوصية في متى تتفق مع مرقس في أمور وتختلف في أخرى فقد جاء فيها: " لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم، ولا مزوداً لطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا " (متى 10/ 9 - 10). فقد تناقضا في وصية المسيح بخصوص العصا والأحذية.
هل حضر القائد إلى المسيح؟
ويذكر متى أن المسيح عندما دخل كفر ناحوم " جاء إليه قائد مائة يطلب إليه ويقول: يا سيدي، غلامي مطروح في البيت مفلوجاً متعذباً جداً " (متى 8/ 5 - 7).
ويروي لوقا القصة وذكر بأن القائد لم يأت للمسيح بل " فلما سمع عن يسوع (أي القائد) أرسل إليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده، فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد .. " (لوقا 7/ 3 - 4) فهل حضر القائد أم لم يحضر.
أم المجنونة، كنعانية أم فينيقية؟
وجاءت المرأة تشكو إلى المسيح مرض ابنتها بالجنون، وهذه المرأة عند متى " كنعانية " (متى 15/ 22).
غير أنها عند مرقس " فينيقية سورية " (مرقس 7/ 26) فأيهما الصحيح؟
متى يبست التينة؟
وتتحدث الأناجيل عن إتيان المسيح شجرة تين، فلما وجدها غير مثمرة دعا عليها قائلاً: " لاتخرج منك ثمرة إلى الأبد، فيبست تلك الشجرة للوقت، فنظر التلاميذ وتعجبوا " (متى 21/ 19 – 20)، إذاً كان يباسها في الحال.
وهذا ما يناقضه مرقس إذ ذكر دعاء المسيح على الشجرة ثم " لما صار المساء خرج إلى خارج المدينة، وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول فتذكر بطرس، وقال له: يا سيدي انظر التينة التي لعنتها قد يبست " (مرقس 11/ 19 – 20) ومعنى هذا أنها لم تيبس في الحال، كما لم يكتشف التلاميذ يباسها إلا في الغد.
وننبه إلى أنه من غير المعقول أن يدعي المسيح على الشجرة التي قصدها في غير وقت إثمارها "لأنه لم يكن وقت تين " (مرقس 11/ 13) فذلك يلحق الضرر بأصحابها وهو من التعدي والظلم.
هل يوحنا المعمدان هو إيلياء؟
ويذكر يوحنا أن الكهنة واللاويين أرسلوا إلى يوحنا المعمدان ليسألوه: من أنت؟ فسألوه وقالوا: " أأنت إيليا؟ فقال: لست أنا " (يوحنا 1/ 20 - 22).
لكن متى يذكر أن المسيح قال عنه بأنه إيليا " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان. ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه .. وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي. من له أذنان للسمع فليسمع" (متى 11/ 14).
¥