ثم إن نسبة المسيح ليوسف النجار تؤكد ماكان اليهود يشيعه عن مريم وابنها، إذ هي نسبة غير حقيقية، ثم إن اشتهار المسيح بأنه ابن يوسف النجار يجرد المسيح من إحدى أعظم المعجزات التي اختص بها ?، فلم يصر عليها النصارى؟
وإن أصر النصارى على قدم هذه النسبة التي أوردتها الأناجيل فإنا حينذاك نراها دالة على عبوديته لله، وأن معاصريه كانوا يرونه بشراً عادياً جاء من سلالة بشرية، وكانوا يسمونه ابن النجار، وهذا يدل على أن دعوى الألوهية التي أحدثها بولس لم تكن قد سرت حينذاك وإلا لما احتيج إلى نسب للمسيح الإله.
2) جدات المسيح المذكرات في نسب متى
ثم نلحظ أن متى ذكر في نسب المسيح أربع جدات للمسيح هن ثامار، وزوجة داود التي كانت لأوريا الحثي، وراحاب، وراعوث. فما السر في ذكر هؤلاء الجدات دون سائرهن؟ هل كن نساء فوق العادة حتى خلدهن الإنجيل؟
إن لكل واحدة من الأربع سوءة تذكرها التوراة، فأما ثامار فهي التي ولدت فارص زنا من والد أزواجها الذين تعاقبوا عليها واحداً بعد واحد تنفيذاً لما جاء في الناموس عن زواج الرجل من أرملة أخيه، وهكذا ولدت ثامار فارص من والد أزواجها يهوذا (انظر قصتها مع يهوذا في التكوين 38/ 2 - 30).
وأما زوجة أوريا الحثي فهي التي تتهم التوراة زوراً داود بأنه فجر بها، وهي زوجة لأحد قادته فحملت، ثم دفع داود بزوجها إلى الموت، وتزوجها بعد وفاته، وكان حملها بالنبي سليمان أحد أجداد المسيح. (انظر القصة في صموئيل (2) 11/ 1 - 4).
وأما راحاب زوجة سلمون، وأم بوعز، وكلاهما من أجداد المسيح - حسب متى -، فراحاب هي التي قال عنها يشوع: "امرأة زانية اسمها راحاب " (يشوع 2/ 1) وذكر قصة زناها في سفره.
وأما راعوث فهي راعوث المؤابية زوجة بوعز وأم عوبيد، والتوراة تقول: " لايدخل عموي ولا مؤابي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر " (التثنية 23/ 3).
ولحسن الحظ هذه المرة فإن المسيح ليس داخلاً في هذا الطرد، إذ هو الجيل الثاني والثلاثون لها.
3) أجداد المسيح
أما أجداد المسيح الذكور الذين ذكر متى منهم اثنان وثلاثون أباً (إلى دواد) وذكر لوقا اثنان وأربعون أباً، فهؤلاء أيضاً لا يتشرف المسيح بأن يكونوا من آبائه لو كان ما تذكره التوارة صحيحاً، وحاشا أن يكون ذلك صحيحاً فإن أربعة من هؤلاء الآباء تذكر التوراة أنهم فعلوا الزنا، وبعضهم كان الزنا المنسوب إليه زنا محارم، وهؤلاء الأربعة هم يهوذا، وداود، وسليمان، ورحبعام.
وأما يهوياقيم أحد أجداد المسيح كما في سفر الأيام الأول " بنو يوشيا: البكر يوحانان، الثاني يهوياقيم، الثالث صدقيا، الرابع شلّوم. وابنا يهوياقيم: يكنيا ابنه، وصدقيا ابنه" (الأيام (1) 3/ 14 - 15)، فيهوياقيم اسم أسقطه متى من نسبه للمسيح، بين يوشيا وحفيده يكنيا، ولا يخفى على المحققين سبب إسقاطه لاسمه، فحسب سفر الأيام فقد ملك يهوذا، فأفسد فقال الله فيه: " لا كون له جالس على كرسي داود، وتكون جثته مطروحة للحر نهاراً وللبرد ليلاً، وأعاقبه ونسله وعبيده على إثمهم " (إرميا 36/ 30 - 31)
ثم بعد ذلك يزعم النصارى أن المسيح سيرث كرسي داود يقول لوقا في أعمال الرسل: " من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه " (أعمال 2/ 30) ويقول: " الرب الإله يعطيه كرسي داود أبيه " (لوقا 1/ 32) .... فكيف يتفق هذا مع نص إرميا؟ ولم يصر النصارى على ذكر هؤلاء الآباء والأمهات للمسيح؟
يقول مفسر الإنجيل وعلماء اللاهوت " هنا تكمن الروعة برمتها، فإن الله أحب الخطاة إلى درجة أنه لن يستنكف أن يجعل أسلاف ابنه مثل هؤلاء ".
أسماء التلاميذ الإثني عشر
ومن التناقضات بين الأناجيل أيضاً اختلاف الأناجيل في أسماء التلاميذ الإثني عشر، إذ يقدم العهد الجديد أربع قوائم للتلاميذ الاثني عشر تختلف كل واحدة عن الأخرى، وبيانه:
أن أسماء التلاميذ ذكرها متى في إنجيله (10/ 1 - 4)، ومرقس أيضاً (انظر 3/ 16)، وذكرها لوقا في إنجيله في (6/ 14) ثم في أعمال (1/ 13).
وتتشابه القوائم الأربعة في تسعة أسماء وهي سمعان بطرس وأخوه اندرواس ويعقوب بن زبدى وأخوه يوحنا وفيلبس وبرثو لماوس وتوما ومتى ويعقوب بن حلفي.
ويتفق متى ومرقس ولوقا على ذكر يهوذا الأسخريوطي، فيما أهمل في أعمال الرسل.
¥