تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أ- عرض إبليس عليه ممالك الدنيا، وإيراءه إياها، واطلاعه عليها، ولو كان عيسى هو الله، أو ابن الله لقال له: أنا مالكها، وخالقها، وهي لي، وتحت تصرفي؟ بل ما كان لإبليس أن يتجرأ أصلاً ليقول للإله، أعطيك هذه إن سجدت لي!! ..

ب- عجباً أن يأمر إبليس خالق السماوات والأرض أن يسجد له!! ألا يستحي النصارى وهم يقرأون هذا الكلام!! ألا يستحون أن من يعتقدون فيه الألوهية، والربوبية أن يصحبه إبليس، ويعرض عليه السجود له مقابل أن يملكه الدنيا.

ج- لو كان عيسى هو الله أو ابن الله لما كان رده على عرض إبليس هذا أن يقول: لا قد نزل في كتب الأنبياء السابقين: "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد".

هل هناك أصرح من هذا في أن عيسى دعا إلى عبادة لله خالق السماوات، والأرض، وأن عيسى لا يعبد إلا الله، ولا يسجد إلا له سبحانه وتعالى.

يكفي هذا الدليل لكل من يريد بصيرة في الدين أن عيسى عليه السلام جاء ليقول كما قال الله عنه: {وقال المسيح يا بني إسرائيل: اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}.

د- يأس الشيطان من عيسى، وذهابه عنه، وعدم قدرته عليه حق لعصمة الله له تحقيقاً لقول امرأة عمران أم مريم عندما وضعت مريم: {رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم .. وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}، وليس من ذرية مريم إلا عيسى عبدالله ورسوله، وقد أعاذه الله الشيطان الرجيم صغيراً وكبيراً.

8 - وقول الإنجيل: "فتركه إبليس، وإذا بعض الملائكة جاءوا إليه وأخذوا يخدمونه" دليل جديد على عبودية المسيح، فالذي يحتاج إلى الخدمة هو العبد الفقير المحتاج، وهم جاءوه، ولم يستدعهم، وهذا مما يدل على أن الله أرسلهم إليه، وهم كانوا يخدمونه، ولم يأتوا ليعبدوه، والرب سبحانه وتعالى تعبده الملائكة، ولا تخدمه، لأنه الحي القيوم القائم بنفسه المقيم لغيره، فالملائكة تحتاجه، وهي فقيرة إليه، وأما هو فغني عن الجميع سبحانه وتعالى.

ب- جاء في إنجيل متّى:12

جاء أن عيسى -عليه السلام- بعد أن وعظ الناس بموعظة بليغة في الهيكل، وحذّر اليهود، من أن عقوبة الله ستحل بهم قريباً في مدن صور، وصيدا، وكفر ناحوم، وأنه سيكون لها مثل ما صار لقرى لوط سدوم، وعمورة.

قال عيسى بعد ذلك:

راحة للتعابى:

"أحمدك أيها الأب، رب السماء والأرض، لأنك حجبت هذه الأمور عن الحكماء والفقهاء، وكشفتها للأطفال! نعم أيها الأب، لأنه هكذا حسن في نظرك. كل شيء قد سلمه إليّ أبي، ولا أحد يعرف الإبن إلا الأب، ولا أحد يعرف الأب إلا الإبن، ومن أراد الإبن أن يعلنه له.

تعالوا إليّ يا جميع المتعبين، والرازحين تحت الأحمال الثقيلة، وأنا أريحكم، إحملوا نيري عليكم، وتتلمذوا على يديّ، لأني وديع متواضع القلب، فتجدوا الراحة لنفوسكم، فإن نيري هين، وحملي خفيف! " (متّى:12/ 26 - 30).

وفي هذا النص من دلائل عبودية المسيح -عليه السلام- ما يلي:

1 - توجهه بالحمد إلى خالق السماوات والأرض -سبحانه وتعالى-، ولو كان هو الله لحمد نفسه، وأثنى على ذاته.

2 - جعله شرح صدور الأطفال والصغار إلى الدين الحق، وحجب هذا عن رؤساء اليهود، وعظماء ديانتهم، وأن هذه مشيئة الله سبحانه وتعالى (لأنه هكذا حسن في نظرك) وهذا شبيه بما جاء في القرآن الكريم من أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وأنه هدى لنوره كثيراً ممن لم يكن يؤبه بهم كما قال تعالى في القرآن الكريم: {وكذلك فتناّ بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا، أليس الله بأعلم بالشاكرين}.

3 - وأما قول عيسى كما جاء في الإنجيل: (كل شيء قد سلمه لي أبي .. ) فمعناه أن الطريق إلى الله في وقت عيسى لا يكون إلا باتباعه، ولا يجوز أن يفهم منه أن الله قد سلمه مقاليد السماوات والأرض، وإدخال الجنة، والنجاة من النار بدليل أن الهداية بيد الله، وأنه قد وفق لها من شاء من عباده كما جاء: (لأنه هكذا حسن في نظرك)، ولأن عيسى في كل أمر كان يفزع إلى الله، ويدعوه، فقد دعاه، وألحّ عليه أن يصرف عنه كأس الموت بعد أن علم بتآمر اليهود عليه لقتله، وقد دعاه من أجل تلاميذه، وأدعية عيسى -عليه السلام- وطلبه من الله في الإنجيل كثيرة ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير