وقال (457): "ولو جاز لأحد أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي. ولكن أقول: لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد،
بما وصفت من أن ذلك موجوداً على كلهم".
أقوال العلماء:
1 - قول الحسن بن علي البربهاري (ت 329هـ): "إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها، أو ينكر شيئاً من أخبار رسول الله (ص) فاتهمه على الإسلام، فإنه رديء المذهب والقول…. القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن ". انظر: شرح السنة له (41) و طبقات الحنابلة لأبي يعلى (2/ 25).
وقد قال كثير من أهل العلم بنحو ما قاله البربهاري رحمه الله مثل الحكم بن عتيبة والأوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن الشيباني ووكيع وسحنون وابن خزيمة وغيرهم. انظر: جامع بيان العلم وفضله (2/ 111) وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللآلكائي (1/ 64) ومفتاح الجنة (75) والمدخل إلى السنن الكبرى (200) وحجية السنة (361) وكتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي (84).
2 - قول أبي حنيفة: (وخبر المعراج حق، فمن رده فهو ضال مبتدع). انظر: كتاب الفقه الأكبر بشرح القاري (165). وقوله: (وخروج الدجال، و يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى عليه السلام من السماء، وسائر علامات يوم القيامة، على ما وردت به الأخبار الصحيحة حق كائن). انظر: كتاب الفقه الأكبر بشرح القاري (166، 168).
3 - ثبت عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم ما يدل على توقيرهم للسنة وعدم تقديم شيء عليها (وهذا عام يشمل المتواتر والاحاد .. فتنبه زلا تكن من الغافلين) والرجوع إليها والتعويل عليها في جميع أمورهم، ومن أولئك عبدالرحمن بن عوف وابن عباس وابن عمر وعمران بن حصين وعبدالله بن مغفل وخراش بن جبير وغيرهم. انظر ما ورد عنهم في: صحيح البخاري (6/ 219) و (8/ 123) ومسند الإمام أحمد (1/ 337) وصحيح مسلم (1/ 64، 327)، (3/ 1176) وشرح السنة للبغوي (8/ 257) وسنن الدارمي (1/ 79 - 80) وجامع بيان العلم وفضله (2/ 239).
4 - ورد عن شريح وابن مهران الرياحي وعمر بن عبد العزيز ومجاهد والحسن البصري وابن سيرين وغيرهم ما يدل على أن الفلاح في التمسك بالسنة (وهذا عام يشمل المتواتر والاحاد .. فتنبه, ولا تكن من الغافلين) والهلاك والضلال في تركها وأن الراغب عنها مطعون ومتهم في دينه. انظر أقوالهم رحمهم الله تعالى في: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 56 - 57، 94) وسنن الدارمي (1/ 40) والمدخل إلى السنن الكبرى (22) وجامع بيان العلم وفضله (2/ 167 - 168) ومفتاح السنة (92، 152 - 153).
5 - ذكر ابن عقيل في الفنون 2/ 637 أدلة من الكتاب بأن خبر الواحد يوجب العلم.
6 - عَنْ يَحْيَى قَال: قُلْتُ لِلْقَاسِم: مَا أَشَدَّ عَلَيَّ أَنْ تُسْأَلَ عَنْ الشَّيْءِ لاَ يَكُونُ عِنْدَكَ وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ إِمَامًا. قَالَ: إِنَّ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنْ اللَّهِ أَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، أَوْ أَرْوِيَ عَنْ غَيْرِ ثِقَة.
أخرجه: الدارمي فيسننه (1/ 238) , ومسلم في مقدمة صحيحه (1/ 16)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 141).
7 - قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية (1: 19): "يعمل بخبر الآحاد في أصول الدين، وحكى الإمام ابن عبد البر الإجماع على ذلك".
8 - وقال الإمام الشافعي (الرسالة 453): "ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه السبيل-أي تثبت بخبر الواحد- ".
وقال (457): "ولو جاز لأحد أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي. ولكني أقول: لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد، بما وصفت من أن ذلك موجوداً على كلهم".
وقد صرح الشافعي في كتبه بأن خبر الواحد يفيد العلم، نص على ذلك صريحاً في كتاب اختلاف مالك.
¥