تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القسم الثاني من أصحاب القبور: من أفعاله تؤدي إلى فسقه الفسق المخرج من الملة كأولئك الذين يدّعون أنهم أولياء، ويعلمون الغيب، ويشفون من المرض، ويجلبون الخير والنفع بأسباب غير معلومة حسّاً ولا شرعاً، فهؤلاء الذين ماتوا على الكفر، لا يجوز الدعاء لهم، ولا الترحم عليهم لقوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم، وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} (سورة التوبة: 113،114) وهم لا ينفعون أحداً ولا يضرونه، ولا يجوز لأحد أن يتعلق بهم، وإن قدر أن أحداً رأى كرامات لهم مثل أن يتراءى له أن في قبورهم نوراً، أو أنه يخرج منها رائحة طيبة أو ما أشبه بذلك، وهم معروفون بأنهم ماتوا على الكفر، فإن هذا من خداع إبليس وغروره ليفتن هؤلاء بأصحاب هذه القبور.

وإنني أحذر إخواني المسلمين من أن يتعلقوا بأحد سوى الله عز وجل، فإنه سبحانه وتعالى هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله، ولا يجيب دعوة المضطر إلا الله، ولا يكشف السوء إلا الله قال تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون} (سورة النحل: 53) ونصيحتي لهم أيضاً أن لا يقلدوا في دينهم ولا يتبعوا أحداً إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} (سورة الأحزاب: 21) ولقوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (سورة آل عمران: 31)

ويجب على جميع المسلمين أن يزنوا أعمال من يدعي الولاية بما جاء في الكتاب والسنة، فإن وافق الكتاب والسنة فإنه يرجى أن يكون من أولياء الله، وإن خالف الكتاب والسنة فليس من أولياء الله وقد ذكر الله في كتابه ميزاناً قسطاً عدلاً في معرفة أولياء الله حيث قال: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون} (سورة يونس: 62،63) فمن كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً، ومن لم يكن كذلك فليس بولي لله ومن كان معه بعض الإيمان والتقوى كان فيه شيء من الولاية ومع ذلك فإننا لا نجزم لشخص بعينه بشيء، ولكننا نقول على سبيل العموم، كل ما كان مؤمنا تقياً كان لله ولياً.

وليعلم أن الله عز وجل قد يفتن الإنسان بشيء من مثل هذه الأمور، فقد يتعلق الإنسان بالقبر فيدعو صاحبه أو يأخذ من ترابه يتبرك به فيحصل مطلوبه، ويكون ذلك فتنة من الله عز وجل لهذا الرجل لأننا نعلم أن هذا القبر لا يجيب الدعاء، وأن هذا التراب لا يكون سبباً لزوال ضرر أو جلب نفع نعلم ذلك لقول الله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} (سورة الأحقاف: 5،6).

وقال تعالى: {والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون} (سورة النحل: 20،21). والآيات في هذا المعنى كثيرة تدل على أن كل من دعي من دون الله فلن يستجيب الدعاء ولن ينفع الداعي، ولكن قد يحصل المطلوب المدعو به عند دعاء غير الله فتنة وامتحاناً.

ونقول: إن حصل هذا الشيء عند الدعاء - أي عند هذا الذي دعي من دون الله - لا بدعائه، وفرق بين حصول الشيء بالشيء، وبين حصول الشيء عند الشيء، فإننا نعلم علم اليقين أن دعاء غير الله ليس سبباً لجلب النفع أو دفع الضرر بالآيات الكثيرة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه، ولكن قد يحصل الشيء عند هذا الدعاء فتنة وامتحاناً، والله تعالى قد يبتلي الإنسان بأسباب المعصية ليعلم سبحانه وتعالى من كان عبداً لله ومن كان عبداً لهواه، ألا ترى إلى أصحاب السبت من اليهود حيث حرم الله عليهم أن يصطادوا الحيتان في يوم السبت فابتلاهم الله عز وجل فكانت الحيتان تأتي يوم السبت بكثرة عظيمة وفي غير يوم السبت تختفي فطال عليهم الأمد، وقالوا: كيف نحرم أنفسنا هذه الحيتان؟ ثم فكروا وقدروا ونظروا فقالوا: نجعل شبكة ونضعها يوم الجمعة ونأخذ الحيتان منها يوم الأحد، فأقدموا على هذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير