تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فجاء رجل يسئل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: دلني على عمل لا أسئل بعده أحد غيرك

فقال له: قل ءامنت بالله ثم استقم

فطلب منه أن يكون مؤمنا ويطبق هذا بعمله

ونرى هنا التدرج العملي

فبعد أن ينفذ الإنسان تعاليم الإسلام فيصلي ويصوم ويحج يجد نفسه صالحه لتلقي هذا النور الرباني

وهو نور الإيماني

ونعود للحديث: قال صدقت

قال فأخبرني عن الإحسان فقال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك

وهنا ننتقل إلى أعلى المراتب الإيمانية وهي نرتبة الإحسان

أن تعبد الله كأنك تراه

أن تراقب الله في كل ما تفعل

أن ترى الله في كل أعمالك

فإن لم تكن تراه أي إذا لنم تستطع الوصول إلى هذه المرتبة

فاعلم أنه يراك ومطلع عليك

وليتصور أحدنا أن هناك سيد طلب من عبده عمل أو والد طلب من ولده عمل

وهذا السيد أو هذا الأب يقف يراقب عبده أو ولده

فهل ترى الولد يفرط أو يتهاون في ما طلب منه

فهكذا

ولله المثل الأعلى

عندما تعلم أن الله مطلع عليك ستجد لعملك حلاوة وتجد لجهدك لذة

والإحسان مرتبة عظيمة يحب الله أصحابها كما ذكر في كتابه في غير موضع: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

وكذلك: وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

وكان دائما لهم حُسن الجزاء فالله يقول: إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ

ويقول: َذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [الصافات: 110]

ويقول: لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ [الزمر: 34]

ويقول: فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ [المائدة: 85]

والله مع المحسنين ومن كان الله فمن يكون عليه

فالله يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69]

ولهم البشرى في كتابه

يقول الله: وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج: 37]

وأجرهم غير ضائع

ويقول: وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ

بل أكثر ما وصف به يوسف عليه السلام في كتاب الله الإحسان: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 22]

وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 36]

وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 56]

قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 78]

قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 90]

والإحسان هو تاج العبادات

وهو يوضح معنى الأعمال بالنيات

أي أن العمل يقوي بالنية وأن النية دليل العمل

فهذا يصلي وذاك يصلي

ولكن ما الفرق

الفرق هنا

في النية

في الإحسان

في المراقبة

جعلنا الله وإياكم من المحسنين

ثم قال فأخبرني عن الساعة فقال له ما المسئول عنها بأعلم من السائل

والساعة علمها عتد الله لا يعلمها وقتها الا هو

وقد أخفى وقتها ليجازي العبيد على ما فعلوا في حياتهم

يقول الله: إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى [طه: 15]

ويقول الله: إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان: 34]

فقد اختص الله بعلم الساعة وعلم ميعادها واكتفى بارسال العلامات التي نبؤنا بقرب ميعادها

ومن هذه العلامات إرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [الأعراف: 187]

ولمّا أوضح الرسول أن علم الساعة عند رب العالمين

فقال له جبريل عليه السلام فأخبرني عن أماراتها

فقال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان

وقد رأينا بأعيننا هذه العلامات

فأما عن أن تلد الأمة ربتها فهو كما حدث عند الفتوحات الإسلامية من أن تلد الجارية بنت فتصير لها سيدة

ولنا أيضا أنه من باب ضياع الفطرة وغيابها

وأم عن العراى الذي يتطاولون في البنيان فقد شهدنا في العصر الحديث أكثر من دولة لم يكن لهم طعام ولا شراب ففتح لهم الله بابا من أبواب الرزق

ولكن

طغوا وأفسدوا

فالله الهادي وإليه الملتجأ

وبعد هذا التوضيح البين لتعاليم الدين ينظلق جبريل

ويأمر النبي أصحابه بتتبعه كما في بعض الروايات فلا يجدون له أثر

فيسألهم هل تعلمون من هذا

فقالوا الله ورسوله أعلم

فقال لهم هذا أخاكم جبريل جاءكم يعلمكم دينكم

وكما أوضحنا في بداية الشرح أن أسلوب السؤال والجواب أسلوب رائع يحث المتلقي على الاستفادة بعد جذب حواسه وانتباهه

ويؤخذ من هذا الحديث

حرص النبي على تعليم أصحابه وأمته الدين السمح واستخدانه للأسلوب الشيق الذي يجذب انتباه المستمعين

أعلى مراتب الدين هي الاحسان

اقتراب الساعة وظهور أماراتها

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير