2 - أن يشغل نفسه بدلاً من التجريح والتحذير بتحصيل العلم النافع، والجدِّ والاجتهاد فيه ليستفيد ويُفيد، وينتفع وينفع، فمن الخير للإنسان أن يشتغلَ بالعلم تعلُّماً وتعليماً وعودة وتأليفاً، وإذا تَمكن من ذلك ليكون من اهل البناء, والاَّ يشغل نفسه بتجريح العلماء وطلبة العلم من أهل السنَّة، وقطع الطريق الموصلة إلى الاستفادة منهم، فيكون من اهل الهدم، ومثل هذا المشتغل بالتجريح لا يخلِّف بعده إذا مات علماً يُنتفع به، ولا يفقدُ الناس بموته عالماً ينفعهم، بل بموته يسلمون من شره.
3 - أن ينصرف الطلبة من أهل السنَّة في كلِّ مكان إلى الاشتغال بالعلم، بقراءة الكتب المفيدة وسماع الأشرطة لعلماء أهل السنّة مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، بداً من انشغاهم بالاتصال بفلان أو فلان، سائلين: (ما رأيك في فلان أو فلان؟)، (وماذا تقول في قول فلان في فلان، وقول فلان في فلان؟).
4 - عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المشتغلين بالعلم، ينبغي رجوعهم إلى رئاسة الإفتاء بالرياض للسؤال عنهم، وهل يُرجع إليهم في الفتوى وأخذ العلم عنهم أولا لا؟ ومَن كان عنده علم بأحوال أشخاص معيَّنين يُمكنه أن يكتب إلى رئاسة الإفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر في ذلك، وليكون صدور التجريح و التحذير إذا صدر يكون من جهة يُعتمد عليها في الفتوى وفي بيان مَن يؤخذ عنه العلم ويُرجع إليها في الفتوى، ولا شكَّ أنَّ الجهة التي يُرجع إليها للإفتاء في المسائل هي التي ينبغي الرجوع إليها في معرفة مَن يُستفتى ويُؤخذ عنه العلم، وألا يجعل أحدٌ نفسه مرجعاً في مثل هذه المهمَّات, فإنَّ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
ثانيا: فيما يتعلَّق بالردِّ على مَن أخطأ، ينبغي مراعاة ما يلي:
1 - أن يكون الردُّ برفق ولين ورغبة شديدة في سلامة المخطئ من الخطأ، حيث يكون الخطأ واضحاً جليًّا، وينبغي الرجوع إلى ردود الشيخ عبد العزيز ابن باز – رحمه الله – للاستفادة منها في الطريقة التي ينبغي أن يكون الردُّ عليها.
2 - إذا كان الخطأ الذي رد عليه فيه غير واضح، بل هو من الأمور التي يحتمل أن يكون الرادُّ فيها مصيباً أو مخطئاً، فينبغي الرجوع إلى رئاسة الإفتاء للفصل في ذلك، وأمَّا إذا كان الخطأ واضحاً، فعلى المردود عليه أن يرجع عنه، فإنَّ الرجوع إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل.
3 - إذا حصل الردُّ من إنسان على آخر يكون قد أدَّى ما عليه، فلا يشغل نفسه بمتابعة المردود عليه بل يشتغل بالعلم الذي يعود عليه وعلى غيره بالنفع العظيم، وهذه هي طريقة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
4 - لا يجوز أن يَمتحن أيُّ طالب علم غيرَه بأن يكون له موقف من فلان المردود عليه أو الرَّاد، فإن وافق سلم، وإن لم يُوافق بُدِّع وهُجر, وليس لأحد أن ينسب إلى أهل السنَّة مثل هذه الفوضى في التبديع والهجر، وليس لأحد أيضًا أن يصف من لا يسلك هذا المسلمك الفوضوي بأنَّه مُميِّع لمنهج السلفن والهجرُ المفيد بين أهل السنَّة ما كان نافعاً للمهجور، كهجر الوالد ولده، والشيخ تلميذه، وكذا صدور الهجر مِمَّن يكون له منزلة رفيعة ومكانة عالية، فإنَّ هجرَ مثل هؤلاء يكون مفيداً للمهجور، وأمَّا إذا صدر الهجر من بعض الطلبة لغيرهم، لا سيما إذا كان في أمور لا يسوغ الهجر بسببها، فذلك لا يُفيد المهجور شيئاً، بل يترتَّب عليه وجود الوحشة والتدابر والتقاطع، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (3/ 413_414) في كلام له عن يزيد بن معاوية: ((والصواب هو ما عليه الأئمة، من أنَّه لا يُخَصُّ بمحبة ولا يلعن، ومع هذا فإن كان فاسقًا أو ظالماً فالله يغفر للفاسق والظالم، لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة، وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((أوَّل جيش يغزو القسطنطينَّية مغفورٌ له) واول جيش غزاها كان أميرهم يزيد بن معاوية، وكان معه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه ...
فالواجب الاقتصاد في ذلك، والإعراض عن ذكر يزيد بن معاوية وامتحان المسلمين به، فإنَّه هذا من البدع المخالفة لأهل السنَّة والجماعة).
وقال (3/ 415): ((وكذلك التفريق بين الأمَّة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم).
¥