ومن المعروف أن هناك أيضا بعض الأمراض الخاصة بالبشر، لا يشاركهم فيها من الحيوانات إلا الخنزير، ومن ذلك الروماتيزم، وآلام المفاصل، وصدق الله العظيم إذ يقول: "إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم" البقرة/173.
فهذه بعض أضرار أكل الخنزير، ولعلك بعد الوقوف عليها لا تستريب في تحريمه، وإننا لنأمل أن يكون ذلك الخطوة الأولى لهدايتك إلى الدين الحق، فلتقف، ولتبحث، ولتنظر، ولتتأمل، بعدل وإنصاف وتجرد لمعرفة الحق واتباعه واسأل الله تتعالى أن يهديك لما فيه خير لك في الدنيا والآخرة.
على أننا لو لم نعلم في أكل الخنزير مضرة ولا أذى، فهذا لا يغير من إيماننا بتحريمه شيئا، ولا يضعف من تركنا له، ولتعلم أن آدم عليه السلام إنما أخرج من الجنة لأجل أكلة أكلها من الشجرة التي نهاه الله عنها، وما علمنا عن تلك الشجرة شيئا، ولا كان آدم في حاجة إلى أن يبحث في سبب تحريم الأكل منها، بل كان يكفيه، كما هو يكفينا ويكفي كل مؤمن، أن يعلم أن الله حرم هذا.
وانظر حول بعض الأضرار المترتبة على أكل لحم الخنزير: أبحاث المؤتمر العالمي الرابع عن الطب الإسلامي، ط الكويت [731 وما بعدها]، وأيضا: الوقاية الصحية في ضوء الكتاب والسنة، لؤلؤة بنت صالح [635 وما بعدها].
على أننا نعود فنسألك أنت أيها السائل:
أليس الخنزير محرما في العهد القديم الذي هو شطر كتابكم المقدس:
{لا تأكل رجسا ما؛ هذه البهائم التي تأكلونها ... والخنزير لأنه يشق الظلف، لكنه لا يجتر، فهو نجس لكم، فمن لحمها لا تأكلوا، وجثثها لا تلمسوا} [سفر التثنية 14/ 3 - 8 ونحوه في سفر اللاويين 11/ 1 - 8].
وتحريم الخنزير على اليهود لا يحتاج إلى أن ننقل دليلا عليه، فإن كنت في شك، فاسأل القوم يخبروك لكن الذي نظن أننا نحتاج إلى تنبيهك عليه هو بعض ما جاء في كتابكم المقدس أيضا، لكن في عهده الجديد الذي يقول لكم إن أحكام التوراة ثابتة في حقكم، لا يمكن أن تتغير؛ أليس فيها أن المسيح قال:
{لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس، أو الأنبياء، ما جئت لأنقض، بل لأكمل؛ فإني الحقَّ أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف أو نقطة واحدة من الناموس، حتى يكون الكل} [متى 5/ 17 - 18]
ومع أننا لا نحتاج مع هذا النص إلى أن نبحث عن حكم آخر للخنزير في العهد الجديد، فإننا نزيدك هنا نصا آخر قاطعا في نجاسة الخنزير وخبثه:
{وكان هناك عند الجبال قطيع كبير من الخنازير يرعى. فطلب إليه كلُّ الشياطين قائلين: أرسلنا إلى الخنازير لندخل فيها. فأذن لهم يسوع للوقت، فخرجت الأرواح النجسة، ودخلت في الخنازير} [إنجيل مرقس 5/ 11 - 13] وانظر نصوصا أخرى في استقذار الخنازير، واحتقار من يقوم برعيها [متى 67، رسالة بطرس الرسول الثانية 2/ 22لوقا 15/ 11 - 15]
فلعلك تقول هذا نسخ، فقد قال بطرس، أو قال بولس؟!!
وهكذا يبدل كلام الله، وتنسخ التوراة، وينسخ كلام المسيح الذي أكد لكم أنه ثابت ثبوت السماء والأرض، يبدل كل هذا وينسخ بكلام بولس أو بطرس؟!
فلنفرض أنه صادق، وأن تحريمه قد نسخ حقيقة، فما تنكرون أن يكون حراما في الإسلام كما كان عندكم أول مرة؟!
ثالثا:
وأما قولك:إذا كان أكله محرما، فلماذا خلق الله الخنزير إذاً، فلا نحسبك جادا فيه، وإلا فإننا نسألك لماذا خلق الله كذا وكذا من الأشياء المؤذية، أو المستقذرة، بل نسألك لماذا خلق الله الشيطان؟!
أليس من حق الخالق أن يأمر عباده بما يشاء، ويحكم فيهم بما يريد، لا معقب لحكمه سبحانه، ولا مبدل لكلماته؟
أليس من واجب المخلوق العابد أن يقول لربه، كلما أمره بشيء: سمعنا وأطعنا؟
(قد يلذ لك مذاقه، ويستهويك أكله، ويتمتع به من حولك، لكن ألا تستحق الجنة منك أن تضحي ببعض ما تشتهيه نفسك؟).
الإسلام سؤال وجواب
ـ[عبدالله المحمدي]ــــــــ[03 May 2009, 11:24 م]ـ
نقل رائع أجبت فيه على تساؤلاتي. . .
وفقك الله