وقصيدة: ما لمسِّن؟!! والشيء بالشيء يذكر
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[18 May 2009, 08:28 م]ـ
الشاعر حافظ إبراهيم
وقصيدة: ما لمسِّن؟!! والشيء بالشيء يذكر
نبئاني إن كنتما تعلمان ما دها الكون أيها الفرقدان=
غضب الله أم تمردت الأر ض فأنحت على بني الإنسان
ليس هذا سبحان ربي ولا ذا ولكن طبيعة الأكوان=
غليان في الأرض نفسّ عنه ثوران في البحر والبركان
ما (لمسِّين) عوجلت في صبا ها ودعاها في الردى داعيان=
خسفت ثم أغرقت ثم بادت قضي الأمر كله في ثواني=
وأتى أمرها فأضحت كأن لم تك بالأمس زينة البلدان
بغت الأرض والجبال عليها وطغى البحر أيَّما طغيان=
فهنا الموت أسود اللون جون وهنا الموت أحمر اللون قاني
جنّد الماء والثرى لهلاك الخلق ثم استعان بالنيران=
ودعا السحب عاتيا فأمدته بجيش من الصواعق ثاني
فاستحال النجاء واستحكم اليأ س وخارت عزائم الشجعان=
وشفى الموت غله من نفوس لا تباليه في مجال الطعان
رب طفل قد ساخ في باطن الأرض ينادي أمي أبي أدركاني=
وفتاة هيفاء تُشوى على الجمر تعاني من حره ما تعاني
وأب ذاهل إلى النار يمشي مستميتا تمتد منه اليدان=
باحثا عن بناته وبنيه مسرع الخطو مستطير الجنان
تأكل النار منه لا هو ناج من لظاها ولا اللظى عنه واني=
غصت الأرض أتخم البحر مما طوياه من هذه الأبدان
وشكا الحوت للنسور شكاة رددتها النسور للحيتان=
لهف نفسي وألف لهف عليها من أكف كانت صناع الزمان
فسلام عليك يوم تولت بما فيك من معان حسان=
وسلام من كل حي على الأرض على كل هالك فيك واني
ذاك حق الإنسان عند بني الإنسان لم أدعكم إلى إحسان=
.................................................. ..................
اللهم إنا نعوذ بك من الزلازل والمحن وسوء الفتن
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[18 May 2009, 09:01 م]ـ
التعريف بالشاعر:
هو حافظ إبراهيم لقب بشاعر النيل توفي أبوه وهو صغير فرباه خاله الذي أرسله إلى المدرسة الخديوية، اعتمد حافظ على نفسه في حياته والتحق بمكاتب بعض المحامين للعمل ثم التحق بالمدرسة الحربية ثم عين في دار الكتب المصرية، كتب شعره في معظم أغراض الشعر لكنه نميز في الشعر الوطني والقومي والسياسي والاجتماعي، وله ديوان شعري.
جو النص:
في عام 1908 ضرب إيطاليا زلزال عنيف وأحدث أضراراً وخربا ً، وأزهق العديد من الأرواح، وتضررت مدينة مسينا بإصابات مفجعة اهتز لها قلب الشاعر وتأثر بهذه الكارثة الإنسانية، فكتب هذه القصيدة واصفا ما حدث لمسينا من تدمير.
تحليل القصيدة:
الفكرة الأولى: المقدمات التي تسبق الزلزال ..
1 - نبئاني إن كنتما تعلمان ما دها الكون أيها الفرقدان
2 - غضب الله أم تمردت الأر ض فأنحت على بني الإنسان
3 - ليس هذا سبحان ربي ولا ذا ولكن طبيعة الأكوان
4 - غليان في الأرض نفسّ عنه ثوران في البحر والبركان
المفردات:
نبئاني: أخبراني، دها (دهو): أصاب، الفرقدان: النجمان القطبيان، تمردت: عصت، أنحت (نحح): أنّت بغضب مسموع، الأكوان: جمع مفرده كون وهو الوجود، غليان (غلي): فوران واضطراب، نفّس: نتج، ثوران: هيجان، البركان: فتحة في القشرة الأرضية تخرج منها مواد منصهرة وغازات وأبخرة.
الشرح:
يبدأ الشاعر قصيدته كعادة الشعراء الأقدمين بمخاطبة المثنى، شاخصا بصره في السماء مخاطبا نجمين في السماء ملتمسا منهما أن يساعداه في إيجاد تفسير لما أصاب الوجود إذا كان عندهما علم بذلك، ويتساءل هل ما أصاب مسينا غضب من الله أم أن الأرض عصت فأتت على الإنسان المسكين في مسينا، ويفسر الشاعر ما حدث فهو في الحقيقة ليس غضب من الله ولا عصيانا من الأرض ولكنها الطبيعة وما يحدث فيها من تغييرات، إنه غليان وفوران في باطن الأرض نتج عنه هياج في البحر وبركان يقذف منه المواد المنصهرة والغازات والأبخرة.
الجماليات:
نبئاني ........ : أسلوب إنشائي أمر الغرض منه الالتماس على أساس مخاطبة صديقيه، أما لو كان يخاطب النجمين فيكون الغرض التمني
ما دها الكون؟ أسلوب إنشائي استفهام الغرض منه التعجب
أيها الفرقدان: أسلوب إنشائي نداء الغرض منه الاستعطاف، وحذفت أداة النداء للقرب
غضب الله أم تمردت الأرض: أسلوب إنشائي استفهام الغرض منه التعجب
¥