[جني الثمر في تخريج قصة إسلام عمر]
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[13 May 2009, 07:49 م]ـ
[جني الثمر في تخريج قصة إسلام عمر]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اتبعه واقتفى آثره إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ..
أما بعد:
فقد سألني بعض إخواني- حفظه الله ورعاه – عن قصة إسلام أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وطيب ثراه، لما فيها من غموض محير، فلا يكاد يعرف الصحيح والضعف منها، فسألني - بارك الله فيه – أن أقوم بتخريج القصة والحكم عليها لحسن ظنه بي، وإن كنت لست أهلا لبحث هذا الموضوع الكبير ..
ولكنني سارعت إلى طلبته على قلة البضاعة وقدر الجهد ما استطعت إلى ذلك سبيلا .. مستعينا بأقوال من سبق من الأئمة الأعلام وشيوخ الإسلام في الحكم على الرواية والرواة ..
فأقول والله المستعان، ومنه سبحانه نستمد الحول والقوة:
*********************************
جاءت روايات عدة في قصة إسلام أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ..
وأرى أن التفصيل المريح للقارئ أن نقسم قصة إسلامه إلى مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى: ما دخل قلبه قبل إسلامه وكان سببا في هدايته.
المرحلة الثانية: فيما ورد من الأحاديث المشهورة في قصة إسلامه.
المرحلة الثالثة: فيما جرى له بعد إسلامه.
وبهذا – إن شاء الله - قد يثبت الأمر بعض الشيء في الأذهان ..
فأما المرحلة الأولى وهي
ما دخل قلبه قبل إسلامه وكان سببا في هدايته
فقد جاءت روايات تمهيدية تدل على دخول الإسلام قلبه ..
1 - وهي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب .. قال: وكان أحبهما إليه عمر.
الحديث أخرجه الترمذي (3681) وأحمد في المسند (2/ 95) وفي فضائل الصحابة (1/ 250) وابن حبان (2179) والحاكم (3/ 83) والبيهقي في الدلائل (2/ 90) والطبراني أوسط (5/ 87) وعبد بن حميد (759) وابن سعد في الطبقات (3/ 267) وأبو نعيم في الحلية (5/ 361) وابن عساكر (44/ 25) وغيرهم وهو صحيح لغيره إن شاء الله.
قال الحافظ في الفتح (7/ 48) قال الترمذى حسن صحيح. قلت (ابن حجر): وصححه ابن حبان أيضا، وفي إسناده خارجة بن عبد الله صدوق فيه مقال، لكن له شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الترمذي أيضا ومن حديث أنس ومن طريق أسلم مولى عمر عن عمر عن خباب وله شاهد مرسل أخرجه ابن سعد عن طريق سعيد بن المسيب والإسناد صحيح إليه. اهـ
وروى الحاكم والبيهقي وغيرهما من حديث عائشة مرفوعا:
اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة.
رواه الحاكم (3/ 89) وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في الكبرى (6/ 370) وابن ماجة (1/ 39) وابن حبان (6882) وابن عساكر (44/ 27) وصححه الألباني دون قوله خاصة، ثم حسنه بها في الصحيحة في رقم (3225).
وورد من حديث أنس وابن مسعود وابن عباس وعائشة وثوبان وعثمان بن الأرقم وربيعة السعدي وجاء مرسلا عن ابن المسيب والزهري.
وقال ابن عساكر في الجمع بين اللفظين: إنه دعا بالأول، فلما أوحي إليه أن أبا جهل لن يسلم خص عمر بدعائه فأجيب فيه.
ومن الغرائب: ما رواه ابن أبي عاصم في السنة من طريق الزهري عن سالم عن أبيه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بالوليد بن المغيرة.
قال: فجعل الله الدعوة لعمر خاصة في نفسة وفي الوليد بن المغيرة في ابنه خالد بن الوليد، قال ابن عمر: والله ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبا جهل. اهـ
فهذا الحديث ضعيف لا يثبت وهو مخالف لجميع من رواه عن ابن عمر وفيه الدعاء له ولأبي جهل، والدعاء للوليد بن المغيرة منكر لا يثبت. والله أعلم.
2 - عن أم عبد الله بنت أبي حثمة واسمها ليلى رضي الله عنها قالت:
لما كنا نرتحل مهاجرين إلى الحبشة، أقبل عمر حتى وقف عليّ، وكنا نلقي منه البلاء والأذى والغلظة علينا، فقال لي: إنه الانطلاق يا أم عبد الله؟
قلت: نعم والله، لنخرجنّ في أرض الله .. آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا فرجاً .. فقال عمر: صحبكم الله!! ورأيت منه رقة لم أرها قط.
¥