[هل بإمكان الجن والشياطين الدخول في الأبدان وإصابة الناس بالأمراض؟]
ـ[ابو دعاء]ــــــــ[11 Jun 2009, 12:07 م]ـ
************* بإهداء خاص إلى المتألق عادل سليمان القطاوي****************
باسم الله الرحمان الرحيم
[هل بإمكان الجن والشياطين الدخول في الأبدان وإصابة الناس بالأمراض؟]
معظم الأمراض، وخاصة منها الوبائية والجنسية بل والنفسية أيضا، سببها ميكروبات أو فيروسات أو جراثيم، لأن لها إمكانية الدخول إلى أبداننا والغوص في دمائنا والوصول إلى أي منطقة من أجسامنا، فهل بإمكان الجن والشياطين فعل ذلك؟
أثارت ظاهرة الصرع أو المس جدلاً كبيراً بين علماء الأمة، فهناك من أثبت دخول الجن في بدن الإنس، وهم جمهور العلماء، وهناك من أنكر هذه الظاهرة. (حينما نتكلم عن الصرع/المس نقصد به الحالة المرضية التي يصل إليها المصروع/الممسوس، وليس مجرد المس أو الدخول في الجسم، لأن كل إنسان معه شيطان من الجن وأن كل مولود يمسه الشيطان، حين يولد، ولا يؤدي ذلك بالضرورة إلى الصرع أو المس).
يستند ابن تيمية [1]، للدلالة على إمكانية دخول الجني في بدن الإنسي، على قوله تعالى في سورة البقرة:) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ (، وعلى الحديث الصحيح: " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم "، ولتدعيم رأيه يستشهد بقول عبد اللّه بن الإمام أحمد بن حنبل، حين قال: «قلت لأبي: إن أقواما يقولون: إن الجني لا يدخل في بدن المصروع، فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه»، ويضيف ابن تيمية بأن هذا الأمر ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجن في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك.
وذكر أبو الحسن الأشعري، في مقالات أهل السنة والجماعة، أنه: «يجوز للجن أن يدخلوا في الناس، لأن الجن أجسام رقيقة، فليس بمستنكر أن يدخلوا في جوف الإنسان في خروقه كما يدخل الماء والطعام في بطن الإنسان وهو أكثف من أجسام الجن» [2].
في حين ذهب كل من الجهمية والمعتزلة وهشام بن الحكم وأبو بكر الرازيإلى القول بعدم قدرة الجن على التأثير في بدن الإنس وصرعه، وقد تبعهم في هذا الإنكار كل من محمد بن علي القفال [3]، والبيضاوي [4] وغيرهم، ومن المعاصرين الشيخ طنطاوي جوهري والشيخ أحمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد الغزالي والشيخ محمود شلتوت.
يرى المنكرون، وعلى رأسهم الزمخشري، أن هناك صورة نمطية للصرع ترسخت في الوعي الجماعي العربي، وارتبطت بالجن فأصبحت اعتقادا راسخا في الأذهان لا ينكره أحد، لذلك خاطبهم القرآن بما كانوا يعتقدون، فيقول في تفسيره للآية 275 من سورة البقرة: «تخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع، فورد على ما كانوا يعتقدون، والمس: الجنون، ورجل ممسوس، وهذا أيضاً من زعماتهم، أن الجني يمسه فيختلط عقله، وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن، ولهم في الجن قصص وأخبار وعجائب، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات» [5].
نفس التفسير يورده القاضي محمد بن علي القفال، في إطار شرحه للصرع، حين يقول: إن الناس يضيفون الصرع إلى الشيطان وإلى الجن، فخوطبوا على ما تعارفوا من هذا، وأيضاً من عادة الناس إذا أرادوا تقبيح شيء أن يضيفوه إلى الشيطان كما في قوله تعالى:) وطلعها كأنه رؤوس الشياطين ((الصافات/65).
أما أبو علي الجبائي فقد أنكر إنكارا مطلقا مس الشيطان للإنسان والدخول في جسده، وقال: هذا باطل لأن الشيطان ضعيف لا يقدر على صرع الناس وقتلهم، وزعم أن الشيطان يمس الإنسان بوسوسته المؤذية التي يحدث عندها الصرع، أي دون أن يدخل بدن الإنسان، ويضيف الرازي إلى ذلك قوله: وهذا ظاهر في وسوسة الشيطان وغوايته عن بعد دون الدخول في أبدانهم [6].
¥