وكفاك فخراً وزهواً يا "أبانا" أنك ربيت مع أسامة كوكبة من المجاهدين والشهداء على أرض فلسطين ممن أعلوا راية الجهاد واسترخصوا الدماء والأرواح في نصرة الدين والذود عن حمى المسلمين، فكنت أباًً للمجاهدين ومربياً للشهداء الصالحين، فما أطيب زرعك وما أندى غرسك ويا روعة من ربيت وعلمت، فأنعم بهذا الغرس وأكرم وطب نفساً بهذا الصنيع العظيم. "يا أبانا". ولئن تباهى الناس بأبنائهم ممن ملكوا المناصب والشهادات، فحق لك أن تتباهى بأبنائك أبناء هذا الدين، ولئن انقطعت عن الناس أنسابهم ونسلهم بفقد أبنائهم، فالأمر عندكم ليس كما عند الناس؛ لأن نسب الدين وسلالة الصالحين أعظم من وشائج الدم وقرابة الأرحام، كما علمتنا يا معلم "الظلال" ومربي الجيل.
ـ[نعيمان]ــــــــ[18 Jun 2010, 07:30 م]ـ
لا إله إلا الله وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
البعد جفا كما قيل.
فقد والله غابت عنّا الأخبار بغيابنا الطّويل عن الدّيار.
جزاك الله أخانا محمّد والدّكتور معزّ محمود خيراً. ولكن متى استردّ الله عاريّته أسامة من والديه وأسرته وأحبابه رحمه الله؟
رحم الله أسامة يا دكتور صلاح، وأدخله الفردوس الأعلى من الجنّة، وأحسن الله العزاء لكم ولنا؛ فعزاؤكم وأيم الله عزاؤنا.
ووالله ما علمت إلا السّاعة فلا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
لن نصبّرك فنحن اعتدنا أن نستلهم الصّبر من أصحاب الابتلاءات.
ولقد ذهبنا ذات مساء حزين لزيارة أخ حبيب إلى قلبنا في المستشفى قد بترت رجله. فطلب إليّ أخوان حبيبان أن أتحدّث إليه أصبّره، فلمّا وصلنا عنده وجدناه صابراً محتسباً منيراً، وبدأ الحديث قبل أن أبدأ، فوالله ما زوّرت في نفسي كلاماً أقوله وإلا وأتى عليه وأحسن منه حتّى استحييت من نفسي فلم أنطق إلا بهذه الكلمة تعقيباً على موعظته الرّقراقة العذبة:
إنّنا نستمدّ من أصحاب العزائم عزماتهم، ومن أصحاب الابتلاءات الصّبر والرّضى.
وما أعلاها منزلة! وما أسماها درجة!
رضي الله عنكم شيخنا الحبيب الدّكتور صلاح الاخالديّ هذا الشّيخ المبارك الّذي ما زرناه والله وفتح لنا الباب إلا وكتاب بين يديه يقرأ به، والنّور يشعّ من وجهه.
فما أصفاه وما أبهى طلعته!
وما أحرصه على وقته الثّمين: فالواجبات أكثر من الأوقات.
إنّا نحسبه -ولا نزكّي على الله أحداً- من العلماء الصّالحين المجاهدين أصحاب المواقف الّذين لم يستطع أحد أن يلويهم أو ينال منهم حظّاً للشّيطان وأعوانه؛ بل وقفوا شامخين لا يرضخون لباطل ولا يرضون عنه ولا تنحني لهم جبهة إلا لخالقهم! على كثرة ما سووموا حتّى من بعض من يزعمون أنّهم حملة اللّواء كذباً وزوراً. وإنّهم ليعرفون أنفسهم والله. كما قال القائل لمسيلمة: والله إنّك لتعلم أنّي أعلم أنّك كاذب.
ومعاذ الله أن يفعل! كيف يفعل وهو حامل القرآن، ومستظلّ بظلاله من خلال صاحبه الّذي لقي الموت في سبيل الله شامخاً مستعلياً على الباطل المنتفش من أجل لا إله إلا الله؟!
وإنّه لأحسن من كتبه عنه وفيه؛ كما قال أخوه الأستاذ الكبير: محمّد قطب -حفظه الله، وأطال بقاءه مع صالح عمل، وحسن خاتمة-.
فرحم الله سيّداً، وأسامة، وحفظ الله الشّيخ صلاحاً، وإخوانه، وأحبابه، وكلّ من سار على الطّريق الموصل إلى الله على بصيرة وتجرّد.
وأختم قولي هذا بكلمة طالما ردّدتها أيّها الشّيخ الحبيب في العزاءات وردّدها من قبلكم سلفنا الصّالح -رحمهم الله تعالى-:
اذكر يا أخي مصابك في رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم.
فإنّ فقده فدته النّفس والرّوح صلوات ربّي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أعظم رزايا الأمّة المسلمة المباركة.