تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال ابن عابدين: وفي شرح اللّباب: ومشى الطّيبيّ على أنّ الحج يهدم الكبائر والمظالم، ووقع منازعة غريبة بين أمير بادشاه من الحنفية حيث مال إلى قول الطّيبيّ، وبين الشيخ ابن حجر المكّيّ من الشافعية وقد مال إلى قول الجمهور، وكتبت رسالةً في بيان هذه المسألة، وظاهر كلام الفتح الميل إلى تكفير المظالم أيضاً، وعليه مشى الإمام السرخسيّ في شرح السّير الكبير، وإليه ذهب القرطبيّ.

وقال عياض: هو محمول بالنّسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها، والحاصل أنّ تأخير الدين وغيره، وتأخير نحو الصلاة والزكاة من حقوقه تعالى، فيسقط إثم التأخير فقط عما مضى دون الأصل ودون التأخير المستقبل، ونقله عن التّرمذيّ واللقانيّ، واستظهر ابن عابدين سقوط الدين أيضاً عند العجز كما قال عياض لكنّ تقييد عياض بالتوبة والعجز غير ظاهر ; لأنّ التوبة مكفّرة بنفسها، وهي إنّما تسقط حق الله تعالى لا حق العبد، فتعين كون المسقط هو الحج كما اقتضته الأحاديث.

قال ابن نجيم: والصحيح أنّ الحج لا يكفّر الكبائر، وليس مراد القائل بأنّه يكفّرها أنّه يسقط عنه قضاء ما لزمه من العبادات وتركه والمظالم والدين، وإنّما مراده أنّه يكفّر إثم تأخير ذلك، فإذا فرغ منه طولب بقضاء ما لزمه، فإن لم يفعل مع قدرته فقد ارتكب الآن الكبيرة الأخرى، والمسألة ظنّية، فلا يقطع بتكفير الحجّ للكبائر من حقوقه تعالى، فضلاً عن حقوق العباد.

شفاعته صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر وعدم خلودهم في النار:

18 - للنبيّ صلى الله عليه وسلم من الشفاعات الخاصة به شفاعته في قوم استوجبوا النار بأعمالهم، فيشفع فيهم، فلا يدخلونها، هذا مذهب أهل السّنّة.

وقد جزم السّيوطيّ في الخصائص بأنّ هذه الشفاعة من خصائصه صلى الله عليه وسلم وجزم القاضي وابن السّبكيّ بعدم اختصاصه صلى الله عليه وسلم بها، وأشار العزّ بن عبد السلام إلى أنّه يشاركه فيه صلى الله عليه وسلم الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمؤمنون.

وهذه الشفاعة هي غير الشفاعة العامة أو العظمى لفصل القضاء بين الناس بعد المحشر، فتلك تعمّ جميع الخلق، وهي متفق عليها بين الأمة أنّها من خصائصه.

قال الأشعريّ: أجمع المسلمون أنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعةً ... وهي للمذنبين المرتكبين الكبائر.

واستدلّوا لشفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر بما روى أنس رضي الله عنه أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».

قال ابن أبي العزّ: تواترت الأحاديث في شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر، وقد خفي علم ذلك عن الخوارج والمعتزلة.

والتفصيل في مصطلح (شفاعة ف / 6).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير