تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإن قالوا ما تقوله أهل الفرية من أن أبا بكر وعمر كانا منافقين في الباطن عدوين للنبي صلى الله عليه وسلم أفسدا دينه بحسب الإمكان، أمكن الخارجي أن يقول ذلك في علي، ويوجه ذلك بأن يقول كان يحسد ابن عمه ـ والعداوة في الأهل ـ وكان يريد فساد دينه، فلم يتمكن من ذلك في حياته وحياة الخلفاء الثلاثة حتى سعى في قتل الخليفة الثالث وأوقد الفتنة، حتى تمكن من قتل أصحاب محمد وأمته بغضا له وعداوة، وكان مباطناً للمنافقين الذين ادعوا فيه الإلهية والنبوة، وكان يظهر خلاف ما يبطن لأن دينه التقية، ولهذا كانت الباطنية من أتباعه وعندهم سره وهم ينقلون عنه الباطن الذين ينتحلونه!

وإن أرادوا إثبات إيمانه وعدالته بنص القرآن عليه، قيل لهم: القرآن عام وتناوله له ليس بأعظم من تناوله لغيره، وما من آية يدعون اختصاصها به إلا أمكن أن يدعى اختصاصها واختصاص مثلها أو أعظم منها بأبي بكر وعمر، فباب الدعوى بلا حجة ممكنة، والدعوى في فضل الشيخين أمكن منها في فضل غيرهما.

وإن قالوا: ثبت ذلك بالنقل والرواية، فالنقل والرواية في أولئك أشهر وأكثر، فإن ادعوا تواترا فالتواتر هناك أصح، وإن اعتمدوا على نقل الصحابة فنقلهم لفضائل أبي بكر وعمر أكثر!

80 يزعم الشيعة أن عليًا كان أحق الناس بالإمامة لثبوت فضله على جميع الصحابة ـ كما يدعون ـ ولكثرة فضائله دونهم، فنقول: هبكم وجدتم لعلي رضي الله عنه فضائل معلومة؛ كالسبق إلى الإسلام والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعة العلم والزهد، فهل وجدتم مثل ذلك للحسن والحسين رضي الله عنهما في مقابل سعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر وغيرهم من المهاجرين والأنصار؟!

هذا ما لا يقدر أحد على أن يدعيه لهما، فلم يبق إلا دعوى النص عليهما، وهذا مالا يعجز عن مثله أحد، ولو استحلت الأموية ـ مثلا ـ أن تجاهر بالكذب في دعوى النص على معاوية لكان أمرهم في ذلك أقوى من أمر الشيعة؛ لقوله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} ـ[الإسراء:33]

فسيقولون: المظلوم هو عثمان بن عفان، وقد نصر الله معاوية لتوليه دم عثمان!

81 تزعم الشيعة أن أبابكر وعمر اغتصبا الخلافة من علي وتآمرا عليه لكي يمنعوه منها .. الخ افترائهم.

نقول: لو كان ما ذكرتموه حقا فما الذي دعا عمر إلى إدخاله في الشورى مع من أدخله فيها؟ ولو أخرجه منها كما أخرج سعيد بن زيد أو قصد إلى رجل غيره فولاه ما اعترض عليه أحد في ذلك بكلمة؟!

فصح ضرورة بما ذكرنا أن القوم أنزلوه منزلته غير غالين ولا مقصرين، رضي الله عنهم أجمعين، وأنهم قدموا الأحق فالأحق والأفضل فالأفضل، وساووه بنظرائه منهم.

ويؤكد هذا: البرهان التالي؛ وهو: أن علياً رضي الله عنه لما تولى بعد قتل عثمان رضي الله عنه سارعت طوائف المهاجرين والأنصار إلى بيعته، فهل ذكر أحد من الناس أن أحدا منهم اعتذر إليه مما سلف من بيعتهم لأبي بكر وعمر وعثمان؟! أو هل تاب أحد منهم من جحده للنص على إمامته؟! أو قال أحد منهم: لقد ذكرت هذا النص الذي كنت أنسيته في أمر علي؟!

82 لقد نازع الأنصار رضي الله عنهم أبا بكر رضي الله عنه ودعوا إلى بيعة سعد بن عبادة رضي الله عنه، وقعد علي رضي الله عنه في بيته لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فلا يخلو رجوع الأنصار كلهم إلى بيعة أبي بكر من أن يكون بسبب من هذه الأسباب:

1 - أن يكون بالقوة.

2 - أو أن يكون عن ظهور حق أبي بكر بالخلافة؛ فأوجب ذلك الانقياد لبيعته.

3 - أو فعلوا ذلك لغير معنى. ولا سبيل إلى قسم رابع بوجه من الوجوه.

فإن قال الشيعة: إنما بايعوه بالقوة، فهذا كذب؛ لأنه لم يكن هنالك قتال ولا تضارب ولا سباب ولا تهديد ولا سلاح، ومحال أن يرهب الأنصار وهم أزيد من ألفي فارس أبطال كلهم عشيرة واحدة قد ظهر من شجاعتهم ما لا مرمى وراءه وهو أنهم بقوا ثمانية أعوام متصلة محاربين لجميع العرب في أقطار بلادهم، موطنين على الموت متعرضين مع ذلك للحرب مع قيصر الروم بمؤتة وغيرها، محال أن يرهبوا أبا بكر ورجلين أتيا معه فقط لا يرجع إلى عشيرة كثيرة ولا إلى موال ولا إلى عصبة ولا مال، فيرجعوا إليه وهو عندهم مبطل! بل بايعوه بلا تردد ولا تطويل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير