ولقد ظننت - واغفر لي سوء ظني - أنك إنما تريد نصب فخ للإيقاع بأحد، كما زعم صاحبك أنه فعل بأستاذه.
ومع احترامي الشديد أيضا - وليس سوء ظن بك - فإننيأرى أن صاحبك قد بالغ في قصته.
فلا أظن أستاذا جامعيا مهما بلغ به الضعف، أن يحسب هذا من متون النحو. اللهم إلا إن كان يعني أنه سمع مثل هذا ولا يحضره المصدر، فهذا لا يعيبه.
ولقد أتى أخونا الأخفش ببيت سمعه مشابه، وليس في ادعاء السماع ادعاء الصحة. كما يسأل أحد مثلا أستاذا في الأدب عن مثل: لزينب دكان بحارة منجد ... تلوح به أقفاص عيش مقدد.
فيقر بسماعها (وينسى المشعلقات)، فيظن به إقرارها من المعلقات.
ولقد حدثت لي شخصيا قصة مشابهة لقصة صاحبك، لكنلا على هذا الوجه.
وذلك أنه كان يدرسنا في إحدى سنوات الدراسة بالجامعة الأستاذ الدكتور جبر سلومة متعه الله بالصحة والعافية، وكان يتولى الجانب النظري في النحو، فكان يختار بعض الأبواب من ألفية ابن مالك وبعض الأبواب من كتاب سيبويه. وفي اختبار نصف السنة جاء بسؤال فحواه هات من ألفية ابن مالك ما يدل على كذا ... وكان من باب المفعول المطلق. ولم أكن أعرف أن علينا حفظ المتن. فاصطنعت بيتين كنظم الألفية ضمنتهما القاعدة المطلوبة.
وكان من دأبه متعه الله بالصحة والعطاء أن يأتي بنماذج من أوراق الطلاب يسميهم أصحاب الكبائر ممن يخطئون أخطاء فاحشة (أحدهم أعرب وكيلا الواو حرف عطف و (كيلا) معطوف .. )
وعرض ورقتي وقرأ علي البيتين اللذين اصطنعتهما، وقال هذان ليسا من نظم ابن مالك فمن أين جئت بهما؟ فقلت بلا تردد اصطنعتهما لأني لا أحفظ بيتي ابن مالك، فقال إذا تستحق الدرجة كاملة، ولوحاولت (اللف والدوران) لحسمت عليك الدرجة.
الشاهد أن الأستاذ الجامعي قد يشط في أمور أخرى ولكن لا أظن انطلاء مثل هذا عليه.
بقي شيء آخر، وهو أن أسلوب صاحبك هذا لا يسيء إلا لصاحبك، - واعذرني لجرأتي-.
* الصحيح أن يقال سقط في أيديهم ولا يقال أسقط في أيديهم (وقد جوزه بعضهم وخطأه أبو عمروبن العلاء)، ومعناه ندموا. أو زلوا ولا أرى وجها هنا لإسناده للطلاب.
أخي الحبيب، أرجو ألا يضيق صدرك من كلامي، فوالله ما أردت إلا الوصول إلى الحق أو إيصاله لغيري، ولكن أخلاق بعض الرجال تضيق.
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[21 - 05 - 2009, 01:18 م]ـ
ذكرتني برجل احتال عليه أخوك ببيت:
وأزرق مثل ناب الغول يرمى = فيرمي بالمنايا دون رجع
وسألته عن المراد بأزرق وعن قائل البيت فقال الأزرق هو اسم رمح لرجل من كهلان (أو قيس عيلان) يدعى ... وسماه لي وقائل البيت هو نفس الرجل
وضاعت المحاضرة وهو مسترسل في شرحه
البيت ارتجلته أثناء الدرس بعد أن تفرست عدم الفهم في أستاذي واعتماده على الحفظ وليته كان عارفا قدر نفسه بل كان مغرورا يكثر من السخرية من إجابات الطلاب
بالمناسبة ذلك الرجل هو اليوم من أعلام النقد الأدبي الحديث في المملكة , ونال ألفا تسبق داله ,
أحفظ علي فلم أبح لأحد بهذا من قبل ولو سميته الآن لانقلب الرأي العام ضدي
طبعا للخنفشار فضل الابتكار
أخانا سالم با وزير: أرجوك لا تعد لمثلها هنا
أخانا أبا عبد القيوم: بل هناك أساتذة من هذا النوع , وليس بالضرورة أن يكونوا أغبياء فالأنفة لها دورها
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[21 - 05 - 2009, 02:17 م]ـ
أخي محمدا.
حياك الله.
أنا لا أنفي وجود مثل هذا الصنف من أساتذة الجامعة على الإطلاق. بل هوموجود وبكثرة.
لكن في مجال النحو خصوصا يندر وجودهم، وبخاصة إذا كان السؤال بادي الضعف كالبيت الذي ذكره أخونا خالد. لأن العامية تغلب عليه، ولأن النحو لايعتمد غالبا على المحفوظ بل على الملكة التي تولدت لدى المشتغل به.
أما لو كان النظم قويا ويشبه متون النحو، فلا غرابة في انخداع المتخصص فيه، كبيتك الذي ذكرت. فصياغته ولغته توهم بجاهليته (ومسنونة زرق كأنياب أغوال)، فلا يستدل على صناعته من لفظه.
وقد مر علينا أستاذ للنقد والأدب، وكان لا يحسن العروض ولا يحس بوزن الشعر، فكان يستشهد بأبيات مكسورة الوزن، فإذا نبه على ذلك سفه من نبهه ورماه بالجهل فإن حوجج بمرجع قال هذا خطأ طباعي أو هذه رواية أخرى. ومن عجب أنني حضرت مناقشة رسالة ماجستير كان هذا الدكتور أحد أعضاء لجنة المناقشة، فكانت كل أسئلته للطالب على نحو: ما بحرهذا البيت؟ زنه عروضيا. وأشباه ذلك.
المقصود أن هذا الصنف موجود، لكنه في النحو أقل، وذلك لطبيعة النحو، وعدم اتساعه اتساع الأدب.
والله الهادي والموفق
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[21 - 05 - 2009, 04:20 م]ـ
أما لو كان النظم قويا ويشبه متون النحو، فلا غرابة في انخداع المتخصص فيه، كبيتك الذي ذكرت. فصياغته ولغته توهم بجاهليته (ومسنونة زرق كأنياب أغوال)، فلا يستدل على صناعته من لفظه. نعم رعاك الله فقد أخذته من بيت الكندي , فهل أجدت حبك كذبتي؟:)
لكن ما كان ضره لو قال: لا أدري؟
وحكاياتي مع هذا الدكتور تطول فقد ألزمني نفس القاعة أربعة فصول: d لأنني وقفت في حنجرته
ولو سردتها لاندهشت من جهله ومنصبه الحالي
درست مستوى نحويا على أستاذ سوري أو فلسطيني
سها معربا فنبهته فدعا لي وأعطاني علامة
ومرة شاركت في سجال في الجامعة وكان أحد المشاركين يحفظ زائية مطولة
فأتعبني الزاي فبدأت أرتجل من أشباه زريق وزق وزرني وزلزل وزادي
فهزمته , وفطن إلى ذلك أحد الأساتذة وبعد أن سلمني الجائزة قال: أيها الخبيث كنت ترتجل , والحقيقة أن أقل تركيز يكشف ذلك فقد كانت المعاني بعيدة
وصاحبي هذا لو كان فيه ذرة فهم لعرف أن البيت ليس لجاهلي فهل يعقل أن يقول جاهلي عن الرمح: يرمى؟
¥