تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عِلَّةُ إِعْرَابِ الفِعْلِ المُضَارِعِ

ـ[أبومصعب]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 12:18 م]ـ

قَالَ مُحَمَّدٌ مُحْيِ الدِّينِ عَبْدُ الحَمِيدِ رَحِمَهُ الله فِي مِنْحَةِ الجَلِيلِ:

لَمَّا كَانَ الأَصْلُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ فِي الأَسْمَاءِ الإِعْرَابَ؛ فَإِنَّ مَا كَان مِنْهَا مُعْرَبًا فَلاَ يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ إِعْرَابِهِ، لأَنَّ "مَا جَاءَ عَلَى أَصْلِهٍِ لاَ يُسْأَلُ عَنْ عِلَّتِهِ"، وَمَا جَاءَ مِنْهَا مَبْنِيًّا يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ بِنَائِهِ، وَقَدْ تَقَّدَمَ لِلنَّاظِمِ وَالشَّارِحِ بَيَانُ عِلَّةِ بِنَاءِ الاِسْمِ، وَأَنَّهَا مُشَابَهَتُهُ لِلْحَرْفِ، وَلَمَّا كَانَ الأَصْلُ فِي الأَفْعَالِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا البِنَاءُ فَإِنَّ مَا جَاءَ مِنْهَا مَبْنِيًّا لاَ يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ بِنَائِهِ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عِلَّةِ إِعْرَابِ مَا أُعْرِبَ مِنْهُ وَهُوَ الْمُضَارِعُ،

وَعِلَّةُ إِعْرَابِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ أَشْبَهَ الاِسْمَ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَوَارَدُ عَلَيْهِ مَعَانٍ تَرْكِيبِيَّةً لاَ يَتَّضِحُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا إِلاَّ بِالإِعْرَابِ،

فَأَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي تَتَوَارَدُ عَلَى الاِسْمِ فَمِثْلُ الفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ وَالإِضَافَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: (مَا أَحْسَن زَيْدًٌٍ)،

فَإِنَّكَ لَوْ رَفَعْتَ زَيْدًا لَكَانَ فَاعِلاً وَصَارَ الْمُرَادُ نَفْيُ إِحْسَانِهِ،

وَلَوْ نَصَبْتَهُ لَكَانَ مَفْعُولاً بِهِ وَصَارَ المُرَادُ التَّعَجُّبَ مِنْ حُسْنِهِ،

وَلَوْ جَرَرْتَهُ لَكَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَصَارَ الْمُرَادُ الاِسْتِفْهَامُ عَنْ أَحْسَنِ أَجْزَائِهِ،

وَأَمَّا الْمَعَانِي الَّتِي تَتَوَارَدُ عَلَى الفِعْلِ فَمِثْلُ النَّهْيِ عَنِ الفِعْلَيْنِ جَمِيعًا أَوْ عَنْ الأَوَّلِ مِنْهُمَا وَحْدَهُ أَوْ عَنْ فِعْلِهِمَا مُتَصَاحِبَيْنِ فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: (لاَ تُعْنَ بِالْجَفَاءِ وَتَمْدَحَُْ عَمْرًا)،

فَإِنَّكَ لَوْ جَزَمْتَ (تَمْدَحْ) لَكُنْتَ مَنْهِيًّا عَنْهُ اسْتِقْلاَلاً، وَصَارَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تُعْنَى بِالجَفَاءِ وَلاَ أَنْ تَمْدَحَ عَمْرًا،

وَلَوْ رَفَعْتَ (تَمْدَحُ) لَكَانَ مُسْتَأْنَفًا غَيْرَ دَاخِلٍ فِي حُكْمِ النَّهْيِ، وَصَارَ المُرَادُ أَنَّكَ مَنْهِيٌّ عَنِ الجَفَاءِ مَأْذُونٌ لَكَ فِي مَدْحِ عَمْرٍو،

وَلَوْ نَصَبْتَهُ لَكَانَ مَعْمُولاً لأَنْ المَصْدَرِيّةِ وَصَارَ المُرَادُ أَنَّكَ مَنْهِيٌّ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَفَاءِ وَمَدْحِ عَمْرٍو، وَأَنَّكَ لَوْ فَعَلْتَ أَيَّهُمَا مُنْفَرِدًا جَازَ.

ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 08 - 2005, 09:01 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

جزاك الله خيرا أبا مصعب

فقد كنت قبل قراءة هذه المشاركة، أعرف فقط أن الفعل المضارع يعرب لأنه يضارع أو يشابه الاسم فقط، أما وجه المشابهة فلم أعرفه إلا الآن من خلال هذين المثالين المقتبسين عن الشيخ محمد محيي الدين رحمه الله.

وإتماما للفائدة، فإن أنواع الشبه التي تجعل الاسم معربا هي:

الشبه الوضعي، وهو الذي نوهت عنه بشبه الأسماء الحروف، وذلك كالضمائر، حيث أنها وضعت بعدد قليل من الحروف، فأشبهت الحروف التي وضعت أيضا بعدد قليل من الحروف، فـ "هو" على سبيل المثال: ضمير، فهو اسم مكون من حرفين فقط فأشبه أي حرف من الحروف كـ "من" المكون أيضا من حرفين.

وهناك الشبه المعنوي: كأسماء الإشارة، حيث أنها تدل على معاني لم يضع لها العرب ابتداء حروفا، وأسماء الاستفهام التي تشبه في معناها حروف الاستفهام، من حيث دلالتها على معنى الاستفهام، فبنيت مثلها، وأسماء الشرط كـ "أينما وحيثما" التي تشبه حروف الشرط كـ "إن" في معناها: من حيث دلالتها على صيغة الشرط، فبنيت مثلها.

وأخيرا هناك الشبه الاستعمالي: كالأسماء الموصولة التي تشبه الحروف في افتقارها لما بعدها حتى يتم المعنى، فإذا قلت مثلا: جاء الذي، فإن المعنى لا يتم إلا بذكر جملة الصلة بعد الاسم الموصول: الذي، فتقول: جاء الذي أحبه، وكذا في الحروف، إذا قلت: خرجت إلى، فإن المعنى لا يتم إلا بمذكور بعد الحرف، فتقول مثلا: خرجت إلى المسجد.

ورغم هذا فإن هناك بعض الاستثناءات من هذه المبنيات كـ "هذان وهاتان" من أسماء الإشارة، و "اللذان واللتان" من الأسماء الموصولة، حيث تعرب إعراب المثنى، لأن مجيئها على صورة المثنى، قواها في باب الاسمية، والأصل في الاسم: الإعراب، كما هو معلوم.

ومسألة الشبه هذه كما لا يخفى عليك، أيها المغربي الكريم، لها دور كبير في الإعراب والبناء:

فالفعل المضارع، على سبيل المثال، يعرب لشبهه من الاسم، كما نوهت في هذه المشاركة الكريمة.

والاسم يبنى لشبهه من الحرف، كما سبق ذكره.

والممنوع من الصرف لا يقبل الكسرة، في حالة الجر، لشبهه من الفعل، والفعل كما هو معلوم لا يقبل الكسر أبدا، لثقله، فإذا ما عرف الممنوع من الصرف بـ "أل" أو بـ "الإضافة"، فإنه يقوى في باب الاسمية، ويقبل ما كان ممتنعا عليه من الكسر كقوله تعالى: (أليس الله بأحكم الحاكمين)، فـ "أحكم" ممنوع من الصرف، ورغم ذلك جر هنا لما أضيف، لأنه تقوى بالإضافة في باب الاسمية.

والله أعلى واعلم

مستفاد من شرح الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الخالق، حفظه الله، لـ "أوضح المسالك" لابن هشام رحمه الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير