اخْتِلاَفُ النَّحْوِيِّينَِ فِي عَلاَمَاتِ إِعْرَابِ الأَسْمَاءِ السِتَّةِ
ـ[أبومصعب]ــــــــ[30 - 08 - 2005, 05:28 م]ـ
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا _ أَيْ الأَسْمَاءَ السِتَّةَ _ مُعْرَبَةٌ بِحَرَكَاتٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْوَاوِ وَالأَلِفِ وَالْيَاءِ، فَالرَّفْعُ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْوَاوِ، وَالنَّصْبُ بِفَتْحَةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الأَلِفِ، وَالْجَرُّ بِكَسْرَةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْيَاءِ، فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ! لَمْ يَنُبْ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ ذِكْرُهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ مُحْيِ الدِّينِ عَبْدُ الْحَمِيدِ رَحِمَهُ اللهُ:
فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ _ أَيْ إِعْرَابِ الأَسْمَاءِ السِتَّةِ _ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَأَشْهَرُ هَذِهِ الأَقْوَالُ ثَلاَثَةٌ،
الأَوَّلُ: أَنَّهَا مُعْرَبَةٌ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ هِيَ حُرُوفُ الإِعْرَابِ، وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ البَصْرِيِّينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الأَخْفَشُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّاظِمُ هُنَا وَمَالَ إِلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُعْرَبَةٌ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ أَيْضًا، وَإِعْرَابُهَا بِحَرَكَاتٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْوَاوِ وَالأَلِفِ وَالْيَاءِ، فَإِذَا قُلْتَ (جَاءَ أَبُوكَ) فَأَبُوكَ: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْوَاوِ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهَا الثِّقَلُ، وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَزَعَمَ أَنَّهُ الصَّحِيحُ، وَرَجَّحَهُ النَّاظِمُ فِي كِتَابِهِ التَّسْهِيلِ، وَنَسَبَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ إِلَى جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَذْهَبَ هَؤُلاَءِ هُوَ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ،
قَالَ أَتْبَاعُ سِيبَوَيْهِ: إِنَّ الأَصْلَ فِي الإِعْرَابِ أَنْ يَكُونَ بِحَرَكَاتٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ فَمَتَى أَمْكَنَ هَذَا الأَصْلُ لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَى الْفُرُوعِ، وَقَدْ أَمْكَنَ أَنْ نَجْعَلَ الإِعْرَابَ بِحَرَكَاتٍ مُقَدَّرَةٍ، فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ،
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُ جُمْهُورِ الكُوفِيِّينَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا مُعْرَبَةٌ مِنْ مَكَانَيْنِ، قَالُوا: إِنَّ الحَرَكَاتِ تَكُونُ إِعْرَابًا لِهَذِهِ الأَسْمَاءِ فِي حَالِ إِفْرَادِهَا: أَيْ قَطْعِهَا عَنِ الإِضَافَةِ، فَتَقُولُ: (هَذَا أَبٌ لَكَ) وَ (قَدْ رَأَيْتُ أَخًا لَكَ)، وَ (مَرَرْتُ بِحَمٍ)، فَإِذَا قُلْتَ فِي حَالِ الإِضَافَةِ (هَذَا أَبُوكَ) فَالضَّمَّةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي حَالِ الإِفْرَادِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ عَلاَمَةَ إِعْرَابٍ، لأَنَّ الْحَرَكَةَ الَّتِي تَكُونُ عَلاَمَةَ إِعْرَابٍ لِلْمُفْرَدِ فِي حَالَةِ إِفْرَادِهِ هِيَ بِعَيْنِهَا الَّتِي تَكُونُ عَلاَمَةً لإِعْرَابِهِ فِي حَالِ إِضَافَتِهِ، أَلاَ تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ (هَذَا غُلاَمٌ) فَإِذَا قُلْتَ (هَذَا غُلاَمُكَ) لَمْ يَتَغَيَّرِ الْحَالُ؟ فَكَذَا هُنَا.
وَكَذَا الْوَاوُ وَالأَلِفُ وَالْيَاءُ بَعْدَ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ فِي حَالِ إِضَافَةِ الأَسْمَاءِ السّتَّةِ تَجْرِي مَجْرَى الْحَرَكَاتِ فِي كَوْنِهَا إِعْرَابًا، بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَتَغَيَّرُ فِي حَالِ الرَّفْعِ وَالْجَرِّ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الضَّمَّةَ وَالْوَاوَ جَمِيعًا عَلاَمَةٌ لِلرَّفْعِ، وَالْفَتْحَةَ وَالأَلِفَ جَمِيعًا عَلاَمَةٌ للنَّصْبِ، وَالْكَسْرَةَ وَاليَاءَ جَمِيعًا عَلاَمَةٌ لِلْجَرِّ، وَإِنَّمَا أَلْجَأَ الْعَرَبَ إِلَى ذَلِكَ قِلَّةُ حُرُوفِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ، فَرَفَدُوهُا _ فِي حَالِ الإِضَافَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِ الاِسْمِ_ بِحُرُوفٍ زَائِدَةٍ، تَكْثِيرًا لِحُرُوفِهَا.
ـ[سيبويه السكندرى]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 01:59 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيرا أخى " أبومصعب " لما تقدمه للمنتدى
و جعله الله فى ميزان حسناتك
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 08:21 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
جزاك الله خيرا أبا مصعب، نقل ممتاز، عرضت فيه هذه المسألة الخلافية بشكل سلس، ما أسرع ما يرسخ في الذهن،
وإتماما للفائدة:
تجدر الإشارة إلى أن للأسماء الخمسة إعرابا بالحركات، كباقي الأسماء، يعرف بـ "إعراب النقص"، ومنه قول الشاعر:
بأبه اقتدى عدي في الكرم ******* ومن شابه أبه فما ظلم.
فجرت "أبه" الأولى بالكسرة، ولم يقل: "بأبيه"، ونصبت "أبه" الثانية بالفتحة، ولم يقل: "أباه".
ولها أيضا إعراب بالحركات المقدرة على آخرها، مع ثبات صورتها، بإضافة ألف في آخرها، يعرف بـ "إعراب القصر"، فتقول: سلم أباك علي، ورأيت أباك، وسلمت على أباك.
مستفاد من محارات الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الخالق، حفظه الله، لـ "التحفة السنية".
والله أعلى وأعلم.
¥