تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تمثل الدولة العبرية مشروعاً مناهضاً لكل مشاريع النهضة العربية والإسلامية، إذ لولا حالة الانحطاط والتردي الحضاري التي تمر بها الأمة لما استطاع الصهاينة تحقيق حلمهم بإقامة دولتهم فوق أرض فلسطين، وهي حقيقة يدركها الصهاينة ويعبرون عنها بمعارضتهم قولاً وفعلاً لأي برنامج من شأنه أن يضيف جديداً للقدرات العربية والإسلامية، إذ يرون أن محاولة النهوض العربية والإسلامية تشكل خطراً استراتيجياً على اسرائىل. كما يؤمن الصهاينة أن توحد القوة العربية أو اتحادها على قاعدة مشروع نهضة شامل من شأنه أن يشكل الخطر الأساسي على الدولة العبرية، وهو إيمان دفع قادة الدولة منذ نشأتها إلى العمل على التحول من كيان غريب وشاذ داخل المحيط العربي والاسلامي إلى جزء منه بفعل الاقتصاد وهو ما يفسر إصرار أنصار التسوية على تسويق مشاريع تحت عباءة الاقتصاد.

من هنا يمكن فهم دور العمل العسكري في مشروع حركة " حماس "، فالعمل العسكري يشكل الوسيلة الاستراتيجية لدى الحركة من أجل مواجهة المشروع الصهيوني، وهو - في ظل غياب المشروع العربي والاسلامي الشامل للتحرير - سيبقى الضمانة الوحيدة لاستمرار الصراع وإشغال العدو الصهيوني عن التمدد خارج فلسطين.

كما أن العمل العسكري في بعده الاستراتيجي يشكل وسيلة الشعب الفلسطيني الأساسية للإبقاء على جذوة الصراع متقدة في فلسطين المحتلة، والحيلولة دون المخططات الاسرائيلية الرامية لنقل بؤرة التوتر إلى انحاء مختلفة من العالمين العربي والاسلامي.

كذلك فإن العمل العسكري يعتبر أداة ردع لمنع الصهاينة من الاستمرار في إستهداف أمن الشعب الفلسطيني، وهو ما أثبتته سلسلة الهجمات البطولية التي نفذتها الحركة رداً على جريمة الأرهابي باروخ غولدشتاين ضد المصلين في المسجد الابراهيمي.

كما إن من شأن مواصلة هذا النهج وتصعيده الضغط على الصهاينة لارغامهم على وقف ممارساتهم المعادية لمصالح وحقوق أهلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وترى حركة "حماس" أن إندماج اسرائيل في المنطقة العربية والاسلامية من شأنه تعطيل أي مشروع نهضوي للأمة، حيث تهدف اسرائيل إلى إستثمار ضعف الأمة أمام اسرائيل المدعومة من قبل الولايات المتحدة ومنظومتها الحضارية من أجل إنجاز مشروع التسوية الهادف في جوهره إلى ربط اقتصاديات الدول العربية وإمكاناتها المختلفة بمنظومة جديدة عمادها اسرائيل.

إن مقاومة حركة "حماس" للاحتلال ليست موجهة ضد اليهود كأصحاب دين وإنما هي موجهة ضد الاحتلال ووجوده وممارساته القمعية. وهذه المقاومة ليست مرتبطة بعملية السلام في المنطقة كما تزعم الدولة العبرية وانصار التسوية السياسية الجارية على اساس الخلل القائم في موازين القوى، فالمقاومة بدأت قبل انعقاد مؤتمر مدريد. والحركة ليست لها عداوة او معركةمع اي طرف دولي، ولا تتبنى مهاجمة مصالح وممتلكات الدول المختلفة، لأنها تعتبر ان ساحة مقاومتها ضد الاحتلال الصهيوني تنحصر داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة،وحينما هدد المسؤولون الصهاينة بنقل المعركة مع "حماس" خارج حدود الاراضي المحتلة حذرت حماس السلطات الصهيونية من خطورة الاقدام على مثل هذه الخطوة، وهو ما يؤكد حرص الحركة على عدم توسيع دائرة الصراع.

وتستهدف حركة "حماس" في مقاومتها للاحتلال ضرب الاهداف العسكرية، وتحرص على تجنب ان تؤدي مقاومتها الى سقوط مدنيين. وحتى في بعض الحالات التي سقط فيها عدد من المدنيين في أعمال المقاومة التي تمارسها الحركة، فانها قد جاءت من قبيل الدفاع عن النفس والرد بالمثل على المذابح الارهابية التي ارتكبت بحق المدنيين الابرياء من الشعب الفلسطيني كما حدث في مذبحة الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل، حيث قتل الفلسطينيون وهم يؤدون الصلاة داخل المسجد على أيدي المستوطنين وقوات الاحتلال. ولتأكيد حرصها على تجنب التعرض للمدنيين من كلا الجانبين، طرحت حركة "حماس" مراراً مبادرات انسانية تقوم على توقف الطرفين عن إستهداف المدنيين وإخراجهم من دائرة الصراع، ولكن الصهاينة رفضوا هذه المبادرة وتجاهلوها بشكل يؤكد طبيعتهم الارهابية وعدم حرصهم على حقن دماء ابناء الشعب الفلسطيني الأبرياء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير