[آه يا غزة]
ـ[هتاف القلم]ــــــــ[13 - 01 - 2009, 01:56 ص]ـ
استهل عام هجري وعام ميلادي ليشهدا في مهد ميلادهما ذلة المسلمين وخزي العرب، عار والله أيها الناس وذل لا يمسح إلا بالدم، إن التاريخ ما عرف أسوأ ولا أقبح قوم ولا أذل أمة منذ مروره إلا هذا الجيل، إن التاريخ لا يكذب أيها الناس وسيسجل ما يرى ويسمع ليكون شاهداً غير متهم على ذلة ومهانة لم يعرفها قط، إن أعظم مناقب أمتنا أيها الناس في هذا العصر هو شدة الصبر على الهوان وطول استمراء الذلة، والجلد على تحمل السياط كما قال الشاعر الهازئ وهو يسب قبلية امرئ القيس:
وأمثل أخلاق امرئ القيس أنها = صلاب على مر الهوان جلودها
إن هذه الصفحات التي سيسجلها التاريخ ستُقرأ على الأجيال القادمة فيُبصق عليها وستمزق وترمى تحت الأقدام.
أيها الشرفاء ... لست أبكي على الدين ولا على الإسلام فالدين منصور والإسلام مرفوع والحق ظاهر إلى قيام الساعة، ولست أبكي على موت أخواننا المسلمين في فلسطين فإنهم شهداء بإذن الله وأرواحهم في جوف طير خضر تأوي إلى قناديل معلقة في الجنة كما في الحديث، وإن كان هذا مما يحز في النفس ولكن هذه سنة الله في الكون وهي سنة المدافعة، وتمييز الخبيث من الطيب واتخاذ الشهداء واستخراج صدق العبودية وكمال التضرع وغيرها مما تطويها هذه المحن، ولكن أبكي على أنفسنا على هذا العار الذي نزل بنا، أخشى أن يعمنا الله بعذاب من عنده، وأي عذاب أقسى وأشد من قسوة القلب وجمود العين وبرود الخاطر وموت الضمير، إن ثلة كبيرة من أبناء لا تدري ماذا يجري في فلسطين وإن درت لم تأبه له ولم تكترث، شغلنا كأس الخليج، والبعض بالخرجات الشثوية (كشتات)، والنزهات البرية، هذه هو العقاب الذي حل بنا، ربما تناول أحدنا عشاؤه مع أبناءه وهو يرى صور الدمار والقصف المباشر ثم يهز رأسه في غباء ويتمتم: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم يرفع لقمته إلى فيه، ويقول لأولاده: كلوا يا أبنائي.
أيها الشرفاء ... إن من بيننا خونة وعملاء ويهود بأسماء عرب وصهاينة يحمل هوية مزورة ليس من الإسلام في قبيل ولا دبير كشفتهم هذه الأحداث كما قال الله (ولتستبين سبيل المجرمين)، إن من بيننا أحفاد عبد الله بن أبي بن سلول، وذرية عبد الله بن سبأ، وسيأتي يوم تخنع فيه تلك الرؤوس وتنحني تلك الجباه إن الباطل ساعة والحق إلى قيام الساعة.
دعوني استرسل في خواطري فإن بين جنبي ألماً يتنزى، وبين جوانحي ناراً تتلظى، قرأتم قصة المعتصم الذي هب كالأسد حين استصرخت امرأة ما سمع صوتها وصراخها على الهواء مباشرة، ولا رآها تلطم على خدها عبر الأثير حياً على الهواء، واليوم صوراً على جميع أجهزة الرصد والتصوير ويتناقلها الناس فما يهتز قلب ولا تنطلق دمعة ولا تحل لوعة،، والله الذي لا إله إلا هو لا يرضى إنسان أن يتعامل آدمي مع حيوان بهيم أعجم بهذه الكيفية، فكيف بإنسان يا دعاة الإنسانية وكيف بمسلم عند إراقة دمه يهون على الله زوال الدنيا بأسرها، أما تريدونني أن أحكي لكم قصة المنصور بن أبي عامر، الذي تعلقت بركابه بعد صلاة العيد امرأة عجوز وقالت: يا منصور كل الناس مسرور إلا أنا فابني مأسور، فهب الأسد وأعلن النفير العام، فما مضت أسابيع حتى رد لها ابنها، آه ثم آه ..
قد استرد السبايا كل منهزم=فلم يبق في أسرهم إلا سبايانا
وما رأيت سياط الذل دامية=إلا رأيت عليها لحم أسرانا
وما نموت على حد الظبا أنفاً=حتى لقد خجلت منا منايانا
أيها الناس أرجوكم من لم يستطع فعل شيء فليبك مثل النساء بل مثل الأطفال، كما بكى ذلك الرجل الأعجمي خلف إمام بكّاء خاشع فقيل له ماذا يبكي؟ هل تفهم ما يقول الإمام؟ فقال: أبكي لأنني لا أستطيع أن أبكي خشوعاً.
أخيرا لا أريد تعقيب بارداً ورداً سامجاً يقول: تفاءل وابشر فأنا والحمد لله على ثقة بالله والحمد لله، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.