[من شمال إفريقية]
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 08:34 ص]ـ
http://almoslim.net/node/103649
والتنصير في شمال إفريقية كالتنصير عندنا في مصر: يستغل نفس الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد الإسلامية في هذه الآونة، وأخطرها: تفشي الجهل بالشرع المطهر: بعقائده وأحكامه، فيسهل تمرير الشبهات الواهية إلى ذهن المتلقي على أنها إشكالات عويصة لا جواب عنها.
والفرق بينا وبينهم: أن التنصير عندهم تشرف عليه جهات أجنبية، بخلاف التنصير عندنا فهو: "منتج محلي"!!!، تشرف عليه جهات داخلية تتلقى دعما ماديا ومعنويا من جهات أجنبية تجيد استغلالها في الضغط على مصر وإثارة الفتن فيها، فتكفيهم مؤونتها بنفسها، وليس البروتستانتي بحريص على كسب ود الأرثوذكسي، وإنما جمعهما بغض الإسلام وأهله، فهو تحالف مؤقت كتحالف الأمريكيين مع أهل البدعة في العراق، ومن ورائهم: أهل البدعة من الفرس، فهو تحالف مؤقت للقضاء على أهل السنة، والمقاومة العراقية السنية، فتسلط أهل البدعة على إخواننا في العراق بمباركة أمريكية، وبعد انتهاء دورهم سيتم إلقاؤهم في سلة المهملات كما وقع لتيار ذلك المعتوه الذي يقود تيارا ضالا مضلا، أدى دوره بامتياز في التنكيل بأهل السنة، ثم نال جزاءه ضربا بالنعال في شهر مارس الماضي في إطار الحملة الأمنية التي شنها الأمريكيون وأذنابهم من منتسبي الجيش العراقي.
ويزيد الأمر خطورة في بلاد المغرب العربي:
أن قطاعا من المسلمين هناك لديه حساسية في التعامل مع العروبة، وهي وصف لا ينفك عن الإسلام، لا من جهة العصبية المقيتة، وإنما من جهة كون لسان العرب: لسان الوحي الشريف، فالعرب هم أعلم الناس بهذا الدين، فعليهم نزل، وبلغتهم ورد، فهم أعلم الناس بمبانيه ومعانيه، وقد حملوا لواءه إلى بقية الأمم التي غلب عليها لسان العرب بقدر قبولها الإسلام دينا فلا انفكاك بينهما. والعرب قد فضلوا على غيرهم كما جاءت بذلك النصوص: تفضيل جنس لا تفضيل أفراد فلا يلزم من ذلك أن كل عربي أفضل من كل أعجمي، فكم من الأعاجم الذين فضلوا على أمم من العرب، وإنما الفضيلة فضيلة عامة، كتفضيل جنس الذكور على جنس الإناث، فهو تفضيل جنس باعتبار أوصافه العامة، لا باعتبار أفراده، فالرجولة مظنة الفضل ولا يلزم من ذلك تحققها في كل رجل بعينه. ويقال كذلك في العروبة فهي: مظنة الفضل ولا يلزم من ذلك تحققها في كل عربي بعينه.
الشاهد أن لدى القومية البربرية: حساسية في التعامل مع العرب، وإن وحد الإسلام بينهما، فالبربر أمة صعبة المراس، لا تنقاد بسهولة لغاز: كالرومان، أو فاتح: كالمسلمين، ولذلك انتشر الإسلام بين أفرادها بعد جهد جهيد، فلما تمكن الإسلام من قلوبهم خرج منهم ابن زياد، رحمه الله، فاتحا الجزيرة الأندلسية المفقودة، ووطأت قدم طريف بن مالك، رحمه الله، أرض الأندلس: فكانت أول قدم إسلامية تطؤها: قدما بربرية برسم: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وقد عانى القوم من نوع تمييز إبان حكم الدولة الأموية ذات العصبية العربية، فلاقت دعوة الخوارج رواجا كبيرا في تلك الأصقاع، فظهر ميسرة المضغري في طنجة وظهرت دول للخوارج في بلاد المغرب لا زالت آثارها باقية إلى يوم الناس هذا، وفي المقابل ظهرت دعوة المرابطين: أسود المغرب في قبائل البربر، فحملوا على كاهلهم عبء نصرة الملة في الجزيرة الأندلسية فكانت وقعة: "الزلاقة" سنة 479 هـ، بقيادة يوسف بن تاشفين، رحمه الله، بعد سنة واحدة من سقوط "طليطلة" فاستنقذوا بقية التركة الأندلسية، وبعدهم جاء الموحدون، مع التحفظ على سلوكهم مذهب المتكلمين في الأصول وغلوهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى سفكوا الدم الحرام، جاء أولئك فقهروا النصارى في "الأرك" سنة 591 هـ، بقيادة مقدمهم الهمام صاحب النخوة والغيرة: أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، رحمه الله، وبعدهم جاء بنو مرين فقهروا نصارى قشتالة في وقعة: "الدنونية".
فكان للقوم دور، أي دور في نصرة دين الإسلام الذي يروج له بينهم اليوم على أنه: أثر من آثار الاحتلال العربي لأرضهم!!!!.
وقد قاموا بنشر الإسلام في مناطق شاسعة من غرب إفريقية فأياديهم البيضاء شاهدة لهم على صدق جهادهم في سبيل الدين الحق.
وقد سعت فرنسا جاهدة، لما احتلت الجزائر، في إثارة الفتنة بين جناحي أمة الإسلام هناك، وأنشأت الأكاديميات المتخصصة لإحياء التراث الأمازيغي في مقابل التراث الإسلامي، وكأن الإسلام عدو البربر، وهو الذي أعزهم ورفع قدرهم كما رفع قدر كل من دخل فيه من إندونيسيا إلى ساحل الأطلنطي، ولما سئل جاك شيراك: الرئيس الفرنسي الوطني، باصطلاح القوميين، لما سئل، كما يذكر أحد الفضلاء عندنا في مصر، عن سبب معارضته قانونا يسمح بتدريس لغات غير الفرنسية في فرنسا ذات التعددية الثقافية الواسعة أجاب بحزم قائلا بأنه لا يستطيع أن يوقع على قانون: "بلقنة فرنسا" في إشارة إلى مأساة البلقان في أواخر القرن الماضي، إذ ساعد في تأجيج نار الصراع هناك تعدد القوميات اليوغوسلافية، فبوسنويون مسلمون، وكروات كاثوليك، وصرب أرثوذكس، ولكل روافده الخارجية التي تغذيه ما عدا المسلمين بطبيعة الحال، فلا بواكي لهم، ولذلك نالوا نصيب الأسد من تلك المأساة , فشيراك يرفض بلقنة فرنسا، ولكنه لا يعارض بلقنة الجزائر بزرع بذور الفتنة بين العرب والبربر، فضلا عن حركات التنصير، فضلا عن نشاط أهل البدعة المتزايد في شمال إفريقية لا سيما في منطقة القبائل ذات الأغلبية البربرية، ومع إهمال الحكومات المركزية لمشاكل المسلمين البربر يسهل على صاحب أي فكر منحرف التغلغل في أوساطهم تماما كما تهمل الحكومة المركزية عندنا في مصر مشاكل أهل النوبة وعرب سيناء والأقاليم النائية وهو، أيضا، مما يسهل مهمة الإرساليات التنصيرية، وأصحاب المناهج المنحرفة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
والله أعلى وأعلم.