تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فاروق جويدة يودِّع السفَّاح بوش

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[09 - 01 - 2009, 09:41 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتب الشاعر العربي المصري الكبير

قصيدة جميلة شامخة كشموخ نهر النيل

مودعاً فيها السفَّاح جورج بوش الرئيس

الأمريكي المُنتهية ولايته وقد ألقاها ببرنامج

العاشرة مساءً في قناة دريم الفضائية منذ

أيام قليلة وقد نُشرت اليوم الجمعة في

جرنال المصري اليوم وجريدة الأهرام

حيث مقال الأستاذ الدائم الذي هو بعنوان

" هوامش حرة " والقصيدة بعنوان

ارحلْ .. وعارُكَ فى يديكْ وقد

ساهمت الفنانة السعودية شاليمار الشربتلى

في هذا العمل برسم صورة معبرة جداً لهذا

العمل الرائع ,

فإليكم القصيد.

ارحلْ .. وعارُكَ فى يديكْ

http://media.almasry-alyoum.com/photo.aspx?ID=93117&ImageWidth=240

كل الذى أخفيته يبدو عليكْ

فاخلع ثيابك وارتحلْ

اعتدتَ أن تمضى أمامَ الناسِ يوماً عارياً

فارحل وعارُكَ فى يديكْ

لا تنتظر طفلاً يتيماً بابتسامته البريئة

أنْ يقبِّلَ وجنتيكْ

لا تنتظر عصفورةً بيضاءَ تغفو فى ثيابكَ

ربما سكنتْ إليكْ

لا تنتظر أُمّاً تطاردها دموعُ الراحلينَ

لعلها تبكى عليكْ

لا تنتظر صفحاً جميلاً

فالدماءُ السودُ مازالت تلوث راحتيكْ

وعلى يديكَ دماءُ شعبٍ آمنٍ

مهما توارتْ لن يفارق مقلتيكْ

كل الصغار الضائعين

على بحارِ الدم فى بغدادَ صاروا ..

وشمَ عارٍ فى جبينكَ

كلما أخفيتَه يبدو عليكْ

كل الشواهد فوقَ غزةَ والجليلَ

الآن تحمل سخطَها الدامى

وتلعنُ والديكْ

ماذا تبقى من حشود الموتِ

فى بغدادَ .. قلْ لى

لم يعد شىء لديكْ

هذى نهايتك الحزينة

بين أطلال الخرائبِ

والدمارُ يلف غزةَ

والليالى السودُ .. شاهدةً عليكْ

فارحل وعاركَ فى يديكْ

الآن ترحل غير مأسوفٍ عليكْ ..

? ? ?

ارحل وعارُكَ فى يديكْ

انظرْ إلى صمتِ المساجدِ

والمنابر تشتكى

ويصيحُ فى أرجائها شبحُ الدمارْ

انظرْ إلى بغدادَ تنعى أهلها

ويطوفُ فيها الموتُ من دارٍ لدارْ

الآن ترحلُ عن ثرى بغدادَ

خلفَ جنودك القتلى

وعارك أى عارْ

مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ

لن يفيدكَ الاعتذارْ

ولمن يكونُ الاعتذارْ؟

للأرضِ .. للطرقاتِ .. للأحياءِ .. للموتى ..

وللمدنِ العتيقةِ .. للصغارْ؟!

ولمن يكونُ الاعتذارْ؟

لمواكب التاريخ .. للأرض الحزينةِ

للشواطئِ .. للقفارْ؟!

لعيونِ طفلٍ

مات فى عينيه ضوءُ الصبحِ

واختنقَ النهارْ؟!

لدموعِ أمٍّ

لم تزل تبكى وحيداً

صارَ طيفاً ساكناً فوق الجدارْ؟!

لمواكبٍ غابت

وأضناها مع الأيام طول الانتظارْ؟!

لمن يكون الاعتذار؟

لأماكنٍ تبكى على أطلالها

ومدائن صارت بقايا من غبارْ؟!

للّهِ حين تنام

فى قبر وحيداً .. والجحيمُ تلال نارْ؟!!

? ? ?

ارحل وعارك فى يديكْ

لا شىء يبكى فى رحيلك ..

رغم أن الناس تبكى عادة

عند الرحيلْ

لا شىء يبدو فى وداعك

لا غناءَ .. ولا دموعَ .. ولا صهيلْ

مالى أرى الأشجار صامتةً

وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها

واستسلمتْ لليلِ .. والصمتِ الطويلْ

مالى أرى الأنفاسَ خافتةً

ووجهَ الصبح مكتئباً

وأحلاماً بلون الموتِ

تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ

اسمعْ جنودكَ

فى ثرى بغدادَ ينتحبون فى هلعٍ

فهذا قاتلٌ .. ينعى القتيلْ ..

جثث الجنودِ على المفارقِ

بين مأجورٍ يعربدُ

أو مُصاب يدفنُ العلمَ الذليلْ

ماذا تركتَ الآن فى بغدادَ من ذكرى

على وجه الجداولِ ..

غير دمع كلما اختنقتْ يسيلْ

صمتُ الشواطئ .. وحشةُ المدن الحزينةِ ..

بؤسُ أطفالٍ صغارٍ

أمهات فى الثرى الدامى

صراخٌ .. أو عويلْ ..

طفلٌ يفتش فى ظلام الليلِ

عن بيتٍ توارى

يسأل الأطلالَ فى فزعٍ

ولا يجدُ الدليلْ

سربُ النخيل على ضفافِ النهر يصرخ

هل تُرى شاهدتَ يوماً ..

غضبةَ الشطآنِ من قهرِ النخيلْ؟!

الآن ترحلُ عن ثرى بغدادَ

تحمل عارك المسكونَ

بالنصر المزيفِ

حلمَكَ الواهى الهزيلْ ..

? ? ?

ارحلْ وعارُكَ فى يديكْ

هذى سفينَتك الكئيبةُ

فى سوادِ الليل ترحلُ

لا أمانَ .. ولا شراعْ

تمضى وحيداً فى خريف العمرِ

لا عرشٌ لديكَ .. ولا متاعْ

لا أهلَ .. لا أحبابَ .. لا أصحابَ

لا سنداً .. ولا أتباعْ

كلُّ العصابةِ فارقتكَ إلى الجحيمِ

وأنت تنتظرُ النهايةَ ..

بعد أن سقط القناعْ

الكونُ فى عينيكَ كان مواكباً للشرِّ ..

والدنيا قطيعٌ من رعاعْ

الأفق يهربُ والسفينةُ تختفى

بين العواصفِ .. والقلاعْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير