«وامعتصماه» .. صرخة حرَّكت جيوش المسلمين
ـ[باتل]ــــــــ[09 - 01 - 2009, 08:57 م]ـ
بعد موت الخليفة «عبدالله المأمون» عام 833م جاء المعتصم أميراً للمؤمنين خلفاً له، والمعتصم هو الابن الثالث للخليفة الرشيد، وقد بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المأمون، وقد رفض الجند أن يقدموا له الطاعة بادئ الأمر، مفضلين عليه العباس بن المأمون، الذى سارع بمبايعة عمه بالخلافة احتراماً لوصية أبيه، فحذا الجيش حذوه فى ذلك.
ولسنا الآن بصدد أن نقول ما للخليفة المعتصم وما عليه، لكننا إزاء ظرف يستدعى موقفه من السيدة العربية التى استصرخته فى رفع الأذى عنها. عاش المعتصم 48 عاماً تربع فيها على عرش الخلافة ثمانى سنوات وثمانية أشهر وثمانية أيام، ولما كان ترتيبه بين الخلفاء العباسيين «الثامن» فقد أطلقوا عليه وصف «الثمانى» بل عددوا كل المصادفات التى ملأت حياته برقم 8.
ورغم تناقض وتعارض الروايات عن عصره بين مادح ومهاجم، لم يختلف أحد الفريقين على أنه كان فصيحاً إذا تكلم، مهيباً عالى الهمة شجاعاً مقداماً، حتى إنه كان أهيب الخلفاء العباسيين، ولقد غلبت عليه صفة الجندية لكثرة ما خاض من معارك وحروب بنفسه انتصر فيها جميعاً، وكان نصره الأكبر عندما استجاب لاستغاثة المرأة العربية التى صاحت «وامعتصماه» فقرر، دونما تردد، أن ينصرها ويثأر لها، فكانت معركة «عمورية» التى ضرب فيها هذه المدينة الرومية وروع رجالها فى معركة خلدها الشاعر أبوتمام بقصيدته التى يقول مطلعها:
«السيف أصدق أنباءً من الكتب .. فى حدِّه الحد بين الجد واللعب»
اسمه كاملاً أبوإسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدى بن المنصور، ولد بالكوفة فى 179 هجرية، وكان أبيض طويل اللحية متوسط الطول، وهو بانى مدينة «سُرَّ .. مَنْ .. رأى» أو سامراء فى 221 هجرية، وهو فاتح عمورية سنة 223 هجرية / 838 ميلادية، حينما لبى صرخة امرأة عربية اعتدى الروم عليها، فلما بلغته استغاثة المرأة قال: «لبيكِ» وسارع بإرسال رسالته إلى ملك الروم، ولم يستجب ملك الروم لتحذير المعتصم واعتبره مجرد «تخويف» فتحرك المعتصم بجيشه الجرار، وهو يقول: «لبيكِ يا أختاه».
كتب إليه ملك الروم يحذره ويهدده، فلما قرأ المعتصم رسالته رد عليه قائلاً: «بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد قرأت كتابك وسمعت نداءك والجواب ما ترى لا ما تسمع، (وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار) .. » ولما كان «إسحق الموصلى» الموسيقى فى حضرته فقد روى عنه قوله بهذا الصدد .. إذ قال المعتصم: «من طلب الحق بما هو له وعليه، أدركه»، لقد قيل فى وصف خلافة المعتصم إنه تسلم الخلافة بعد أن استقرت أحوالها وامتدت أطرافها، جاء المعتصم، فحسَّن المرافق العامة ويسَّر الحياة على الناس، وأمَّن حدود دولته مترامية الأطراف.
ولأن خلافته شهدت المخاطر من الخارج والداخل، فقد تصدى لكليهما بقوة، لأعداء الخارج وأعداء الداخل من مثيرى الفتن، غير أنه يلفت انتباهنا ما ذكره عنه «ابن خلكان» و «ابن كثير» ومؤرخون آخرون، بأنه كان أمياً وضعيف الكتابة، ولم يكن معنياً بالعلوم والآداب كأخويه المأمون والأمين، لكنه عنى كثيراً بالزراعة واهتم ببناء الأسواق ومراقبتها.
وعن واقعة «عمورية» تفصيلاً روى أن الروم استغلوا انشغال المعتصم بإخماد الفتن الداخلية، فجهزوا جيشاً ضخماً بقيادة ملك الروم بلغ قوامه مائة ألف جندى، وهاجم شمال الشام والجزيرة، والمدينة التى كانت تخرج منها الغزوات ضد الروم، وقتلوا كل من بداخل حصون المدينة من الرجال، وانتقلوا إلى مدينة مجاورة اسمها «ملطية» وأغاروا عليها وعلى حصونها ومثلوا بالمسلمين هناك حتى بعد موتهم وسبيت المسلمات، حتى قيل إن عددهن تجاوز الألف.
وصلت هذه الأنباء المروعة للخليفة وحكى الهاربون عن الفظائع التى ارتكبها الروم مع السكان العزل والأطفال والنساء والشيوخ، وحين علم بذلك وقيل له إن إحدى النساء وقعت فى يد الروم واستغاثت بالمعتصم وكان فى يد المعتصم قدح يهم أن يشربه فوضعه ونادى بالاستعداد للحرب وتحرك من فوره وحقق نصراً كبيراً قال فيه أبوتمام:
«فتح الفتوح تعالى أن يحيط به .. نظم من الشعر أو نثر من الخطب»
ـ[باتل]ــــــــ[09 - 01 - 2009, 09:41 م]ـ
استحلفك بالله يامعتصم أن تجيب نداء أطفال ونساء غزة.
لماذا الصمت يامعتصم؟
لماذا تحجر قلبك يامعتصم؟
بالأمس استغاثت امرأة فلبيت واليوم شعب كامل يحتضر ولا إجابة.
لا تقل أنك سترسل لهم غذاء وكساء ما عهدناك هكذا.
عامان وهم محاصرون لم يعد للطعام طعم بعد أن نسوه ولم يعد للكساء فائدة بعد أن كشف اليهود سترهم.
هم في أمس الحاجة الآن لرؤيتك.
إذا كنت قد كبرت وعجزت عن حمل السلاح فأمرنا بحمله وارسل معنا فرسك ليراه أهل غزة وسيقبلون عذرك.
هل ستظل صامتا للأبد؟
لم نقرأ في قصتك أنك كنت أخرسا
وحتي لو كنت أخرسا فهل كنت أصما وأعمى أيضا؟
وهل ما قرأناه في التاريخ كان أسطورة مضللة؟
إن كنت حيا فتحرك أرجوك فوالله لقد صار الموت على ثرى غزة أهون ألف مرة من هذه المهانة.
¥