تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مع>> الشيخ الحليم لقمان الحكيم]

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 01:07 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقمان الحكيم كان حكيماً مشهوراً عمر طويلاً، وذُكر في القرآن. اشتهر بوصاياه.

وبادئ ذي بدء لابد أن نتعرف على اسمه وهل هذا الاسم عربي أم أعجمي؟ ..

في القاموس: لقم: «وكسمعه أكله سريعاً، والتقمه ابتلعه. ولقمان الحكيم اختلف في نبوته .. ومعناه على هذا سريع الأكل.

جاء في الأغاني وعون الأخبار ان أبا الأسود الدؤلي أكل وأقعد معه أعرابياً فرأى له لقماً منكراً فقال له: ما اسمك؟ فقال: لقمان. قال: صدق أهلك أنك لقمان، فهذا من ذلك، وقالوا: كان لقمان أحد الأكلة.

على أنه كان أعجمياً فمعناه هو هذا الآن الفعل العربي لقم معناه بالعبري بلع، ويمكن أن يكون كذلك في سائر اللغات السامية، ومنها الحبشية التي يقال أن لقمان من أهلها.

اسم لقمان كان معروفاً عند العرب قديماً، واشتهر به منهم لقمان بن عاد الاكبر صاحب النسور وقد كان فيما قبل لقمان الحكيم على ما سيأتي.

إذن فهو عربي وربما كان من مشترك الأسماء في اللغات السامية الأصل.

واتفق المفسرون على أنه كان عبداً اسود فالبعض جزم بأنه من النوبة والبعض الآخر قال أنه من الحبشة.

قال ابن إسحق: هو لقمان بن باعور بن ناصور بن تارخ وهو آزر أبو ابراهيم عليه السلام.

صفاته وأخلاقه

كان لقمان عبداً أسود غليظ الشفتين مجدع الأنف مشقق القدمين مصفحهما قصير القامة.

وروى أنه قد قيل له: ما أقبح وجهك يالقمان! ..

فقال: أتعيب بهذا على النقش أم على النقاش.

لقد عوضه الله تعالى ما فاته من جمال الخلق وآتاه الحكمة وشرفه بالذكر في كتابه العزيز. وعن جابر قال: إن الله رفع لقمان الحكيم بحكمته فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك، فقال: الست عبد بني فلان الذي كنت ترى بالامس؟ قال: بلى، قال: فما بلغ منك ما أرى؟ قال: قدر الله وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وتركي ما لا يعنيني.

وذكر أبو الدرداء يوماً لقمان الحكيم فقال: ما أوتي من أهل ولا مال ولا حسب ولا خصال. ولكنه كان رجلاً صمصامة مسكيناً طويل التفكير عميق النظر لم ينم نهاراً قط ولم يره احد قط يبزق ولا يتنخع ولا يبول ولا يتغوط ولا يتغسل ولا يعبث ولا يضمك وكان لا يعيد منطقاً نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد.

وكان قد تزوج وولد أولاد فماتوا، فلم يبك عليهم وكان يغشى السلطان ويأتي الحكام لينظر ويتفكر ويعتبر فبذلك اوتي ما اوتي.

حرفته

قال خالد بن الربيع: كان لقمان نجاراً، وفي معاني الزجاج كان نجاداً بالدال، وهو الذي ينجد الفرش والوسائد وقال ابن عباس كان راعياً، وقيل كان يحتطب لمولاه كل يوم حزمة.

أول ما ظهر من حكمته

أخرج الحكيم والترمذي في نوادر الأصول عن أبي مسلم الخولاني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لقمان كان عبداً كثير التفكير حسن النظر كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله، فمن عليه بالحكمة، نودي بالخلافة قبل داود فقيل: له يالقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ قال لقمان: إن أجبرني ربي قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني.

وإن خيرني اخترت العافية، ولم أسأل البلاد. فقالت الملائكة: ولمَ يالقمان؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيُخذل أو يُعان. فإن أصاب فالبحرى أن ينجوا وإن اخطأ اخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً فهو خير من أن يكون شريفاً ضائعاً. ومن يخير الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا، ولا يصيب الآخرة.

فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطي الحكمة، فانتبه وهو يتكلم بها ثم نودي داود بعده بالخلافة فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان، فوقع في الذي حكاه الله عنه، فصفح الله تعالى عنه وتجاوز، وكان لقمان يؤازره بعلمه وحكمته، فقال داود: طوبى لك يالقمان!. أوتيت الحكمة فصرفت عنك البلية."1"

1_الحاكم والترمذي في نوادر الأصول.

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 01:19 م]ـ

الحَكيم يَعظ ابنه

أراد لقمان أن يعظ يوما ابنه، فمضى به إلى مدينة ومعهما حمار يسوقانه،وبينما هما سائران، إذ مرا برجل فقال لهما: إني لأعجب من ضعف عقلكما أتتركان الحمار يمشي من غير راكب؟ فلما سمعا منه ذلك تقدم الوالد فركب الحمار، لكنه لم يكد يستوي على ظهره حتى رأتهما امرأتان فقالت إحداهما: يالقساوة هذا الشيخ يركب مطمئنا كالأمير ويترك ابنه يجري وراءه كعبد حقير.

فأردف ابنه ومضيا كذلك، إلى أن قابلهما جماعة قافلون من المدينة فصاح أحدهم بأصحابه: انظروا إلى هذين الشخصين الضخمين يركبان حمارا ضعيفا كأنهما يحاولان موته، فنزل الأب وبقي الولد وسارا حتى نظرهما رجل مسن فأخذ يقول للولد: أف لك ياقليل الأدب، أما تخجل أن تركب وتدع أباك الشيخ يدب بعصاه خلفك كأنه خادمك،فتأثر الولد من قوله، وترجل عاجلا والتفت إليه وقال: ما ينبغي أن نفعل يأبي حتى نرضي الناس ونسلم من لومهم؟ أنحمل الحمار على لوح، وندخل به المدينة أم ندفنه في حفرة ونستريح؟

فقال:يابني إنما أردت بذلك عظتك: اعلم أنه لا يمكن إرضاء جميع الناس والتخلص من لومهم بحال من الأحوال، لاختلاف عقولهم وتضارب آرائهم،فإنك إن أرضيت زيدا في أمر،أسخطت عمرا فيه، وإذا وافقت هذا خالفت ذلك، فما على العاقل إلا أن يجهد نفسه في إتمام واجباته على وجه الكمال، من غير أن يبالي بقيل وقال، وإلا فلا يتهيأ له الإقدام على عمل من الأعمال.

" حقاً إرضاء الناس جمعياً غاية لا تُدرك "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير