العرب الذين كان تعداد مقاتليهم ثلاثمئة وثلاثين ألفاً بإزاء مئتين وخمسين ألفاً من الإسرائليين!
ومع تفوق ميزان القوى لصالح العرب كان ما كان .. وشهد الخامس من حزيران يونيو 1967م أقصر حرب في التاريخ .. حرب لم تدم أكثر من خمسةِ أيام ضاع فيها كل شيء!!
انتهت المقاومة .. وانكسرت الجيوش .. واستسلم الجميع!!! وبقيت الجولان وسيناء وشبعا محتلةً حتى الآن أو في حكم المحتلة!!
واليوم ..
هانحنُ في اليوم الحادي عشر من أيام حرب غزةَ الغاشمة ..
الحربُ التي بدأت بغتةً بعد تطميناتٍ (عربية) للفلسطينيين بألا شبحَ حربٍ يلوح في الأفق!!
الحرب التي اختارت إسرائيل لبدايتها توقيت الذروة (الحادية عشر والنصف صباحاً) ليزداد عدد الضحايا.
الحرب التي ألقت وتلقي فيها إسرائيل بثقلها العسكري أطناناً من القذائف على بقعةٍ صغيرة لاتتجاوز مساحتها 300 كلم مربع.
الحرب التي لم تتصد لها إلا المقاومة الفلسطينية دون أن يكون لها عون عسكريٌّ من أيِّ جهةٍ خارجية.
الحربُ التي كانت فيها الأنظمة العربية عوناً على الفلسطينيين بإغلاق المعابر، وكبح المسيرات، والتباطؤ في عقد القمة، والتراخي في اتخاذ قرارات شجاعةٍ مؤثرةٍ.
الحرب التي كان فيها بعض الفلسطينيين عوناً على إخوانهم حتى إنهم لم يجدوا شيئاً يقولونه سوى التصريح بأنهم (جاهزون) لملء الفراغ السياسي الذي سيحصل في غزة بعد العدوان!!!
الحرب التي لعبتْ فيها الآلة الإعلامية لعبتها القذرة فجعلت الضحيةَ مجرماً وشغلت الناس بصواريخ المقاومة عن أطنان قذائف الأباتشي!!
ومع كل هذه الوقائع والحقائق .. إلا أنَّ صواريخ المقاومة مازالت تنطلق! بل إنها بلغت حيث لم تبلغ من قبل!! وأصابت أكبر قاعدةٍ جوية إسرائيلية!! وبدأ اليهود يختبئون في الملاجئ!!
وما إن بدأ الاجتياح البريّ حتى حصدتْ المقامةُ أرواح عشرات الجنود الإسرائيليين!!
هل لاحظنا الفرق بين الموقفين؟
إنَّ يهودياً واحداً داخل إسرائيل لم يصب بالفزع عقيب حرب سبعة وستين .. وهانحن نرى في حرب غزة مليون إسرائيلي في دائرة الخوف، يدخلون إلى الملاجئ، ويعطلون دراستهم، ويبكون!!
إنّ مسؤولاً يهودياً واحداً لم يساوره القلق عشية حرب سبعة وستين وفي حرب غزة يرى الملايين عبر شاشات التلفزة وزيراً يهودياً يغلبه الفزع ويختبئ تحت سيارة ليبث من هناك تهديداته وتوعداته!!
كانت ابتسامةُ ليفي أشكول وموشي دايان تتسعُ مع مرور كل يوم من أيام الحرب وما بعدها، وهانحن نرى ابتسامات أولمرت وباراك وليفني تتقلصُ مع مرور كل يوم!!
ماالذي تغير؟
ما الذي جعل دول العربِ مجتمعةً تنهزم أمام حرب الأيام الخمسة بينما تصمدُ حركات مسلحةٌ في وجهِ حربٍ ضروس؟
إنّ تبنّي فلسطين الداخل لخيار (المقاومة المسلحة) هو الذي أحدث هذا الفارق الجوهري!
إنّ (حجر) المقاومة، و (مقلاع) المقاومة، (وبندقية) المقاومة، و (صاروخ) المقاومة .. هو ما أحدث هذا البون الشاسع.
وهذا ما يجب أن نعيه جيداً .. قبل أن نزعم أن (صواريخ المقاومة) هي مشكلة فلسطين.
باعتقادي أن الصواريخ هي (حل) وليست (مشكلة) .. فقد كنّا نُضربُ ونصمتُ و (نبوس) كفَّ من ضربنا .. على الأقل الآن نُضربُ ونضرِبُ.
تاريخٌ حافلٌ بالدمِ ...
وربما كان بالإمكان تصديقُ أن صواريخ المقاومة وحدها كانت سبباً لعدوان إسرائيل لو لم تكن إسرائيل نفسها قد نفذت عشرات المجازر البشعة دون أن تستفزّها صواريخُ ولا حتى حجارة!
لقد ارتكبت إسرائيل نحو 70 مجزرة بحقِّ الفلسطينيين بهدف التهجير والتطهير العرقي، برزت منها 17 مجزرة بشعة منها دير ياسين وقبية واللد وعيلوط والطنطورة والصفصاف وصبارين وغيرها.
وأكثر من هذا امتدت مجازر إسرائيل إلى خارج حدود فلسطين!!
في الـ11 من فبراير 1967 نفذ الجيش الإسرائيلي مجزرة أبو زعبل بمنطقة القاهرة وقتل 69 عاملا مصرياً فيما جرح مائة آخرون.
وفي الثامن من أبريل 1970 نفذت إسرائيل مذبحة مدرسة بحر البقر بمنطقة بور سعيد قتل خلالها 46 طالبا بالصف الأول وجرح 16 آخرون.
وفي عام 1982 نفذت قوات الكتائب والقوات الإسرائيلية بقيادة وزير الدفاع وقتذاك أرييل شارون مجزرتي صبرا وشاتيلا اللتين قتلا فيهما نحو 1600 شخص.
¥