· الأنموذج الذي يحتذى والمثال الذي يقتدى به والصورة التي يتمثل بحسنها والإمام الذي يؤتم به.
ومنه قول لبيد:
من معشر سنت لهم آباؤهم ******* ولكل قوم سنة وإمامها.
· البيان: يقال سن الأمر بينه، وسن الله سنة بين طريقا قويما، كما قال تعالى: (سنة الله في الذين خلوا من قبل)، نصب سنة على إرادة الفعل، أي: سن الله ذلك بمعنى: بينه.
· العادة الثابتة المستقرة: كما في قوله تعالى: (سنة من قد أرسلنا من قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا)، فالسنة هنا تعني: العادة الثابتة التي حكم الله بها وقضاها.
· ابتداء الأمر: فكل من ابتدأ أمرا عمل به قوم من بعده فهو الذي سنه.
ومنه قول نصيب:
كأني سننت الحب أول عاشق ******* من الناس إذ أحببت من بينهم وحدي.
· الصقل والتزيين والتقوية: ومنه قولك سننت السكين أي صقلتها.
معاني السنة في الاصطلاح:
· المعنى العام: وهو يشمل جميع مسائل الدين أصولها وفروعها، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فالسنة هنا هي: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من العلم والعمل والهدى وكل ما جاء به مطلقا.
وإلى هذا المعنى أشار شيخ الإسلام، رحمه الله، بقوله: "السنة هي الشريعة، وهي ما شرعه الله ورسوله من الدين".
وقال مكحول رحمه الله: "السنة سنتان: سنة الأخذ بها فريضة وتركها كفر، وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غيرها حرج"
o فالسنة الأولى في قول مكحول: هي ما لا يتم أصل الدين إلا به من أصول العقائد والعبادات بحيث لو تركها المكلف لخرج من الملة، وهي بالطبع ليست السنة التي أطلقها الفقهاء في مقابل الواجب.
o وأما السنة الثانية: فهي المقصودة باصطلاح الفقهاء، فالأخذ بها فضيلة لأن فاعلها ممدوح، وتركها، وإن كان لا يعرض المكلف للذم، إلا أنه يوقعه في حرج مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم، ناهيك أنه قد يوقعه في حرج أكبر إن كان تركه لها إعراضا أو استخفافا.
· السنة عند المحدثين:
ويقصد بها أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته الخلقية "بفتح الخاء"، والخلقية "بضم الخاء"، سواء كان ذلك قبل الرسالة أو بعدها وسواء أثبت حكما شرعيا أم لم يثبت. فالمحدثون يعنون بكل ما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم.
· السنة عند الأصوليين:
فالأصوليون إنما يعنون بالأحكام الكلية التي تبنى عليها الفروع الفقهية، ولذا فإن السنة عندهم هي: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، لأن الأقوال والأفعال والتقارير، هي ما يستنبط منه أحكام الدين كلية كانت أم جزئية.
· السنة عند الفقهاء:
وهي تعني معنيين:
o المعنى العام: من حيث هي مصدر الدين، فيقول الفقهاء على سبيل المثال: هذه مسألة واجبة بالسنة، أو هذه سنة واجبة، فمثلا يقولون عن حكم إطلاق اللحى بأنه: سنة واجبة، أي أنه واجب، ودليل وجوبه هو السنة، حيث جاءت أحاديث فيها الأمر بإطلاق اللحى، والأمر المجرد عن القرائن يفيد الوجوب، كما هو معلوم عند الأصوليين. فهي بهذا الاعتبار عندهم شطر الوحي ومصدر الاستدلال على العقائد والأحكام.
o وأما المعنى الآخر، وهو المعنى الذي اصطلح عليه الفقهاء للتمييز بين ما أمر به أمر وجوب وما أمر به أمر ندب فهو: "ما دل عليه الشرع من غير افتراض، ولا وجوب". وقال بعض الحنابلة والمغاربة من المالكية: "ما يحمد فاعله ولا يذم تاركه".
ويمكن الاستئناس لاستخدام السنة حكما شرعيا مقابل الفرض بنحو قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه).
ويؤيده فهم التابعي مكحول الشامي رحمه الله: (السنة سنتان: سنة الأخذ بها فريضة وتركها كفر، وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غيرها حرج) وقد سبق بيانه.
· السنة عند علماء العقيدة:
تطلق السنة عند علماء العقيدة على: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أصول الدين، وما كان عليه من العلم والعمل والهدي، وما شرعه أو اقره مقابل البدع والمحدثات في الدين.
ومن هنا قيل: (فلان على سنة)، و (فلان على بدعة)، فالمقصود هنا السنة والبدعة: المعنى المتعلق بالاعتقاد.
¥