o وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وقوله: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ).
فالوعيد المنصوص عليه في الحديث الأول لا يكون إلا على مفارقة الجماعة في أصل كلي، وعليه يخرج المرء من السنة إلى البدعة.
والأمر في الحديث الثاني بالتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين، عند اختلاف الأهواء، دليل على أن المقصود بها الأصول الكلية التي يتميز بها أهل السنة والجماعة عن باقي الفرق الضالة.
o وقول ابن مسعود رضي الله عنه: (القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة)، فأطلق السنة مقابل البدعة، التي تتعلق بالاعتقاد كالخروج والرفض والإرجاء والقدر ....... الخ.
o وقول ابن سيرين رحمه الله: (لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم).
o وقول محمد بن شهاب الزهري رحمه الله: (كان من مضى من علمائنا يقول: الاعتصام بالسنة نجاة).
o وقول الفضيل بن عياض رحمه الله: (أدركت خيار الناس كلهم يقول: الاعتصام بالسنة نجاة).
o وعليه أيضا تحمل تسمية كثير من العلماء، ممن صنفوا في علم العقيدة، لكتبهم باسم "السنة": كأحمد بن حنبل، وابن أبي عاصم، وأحمد بن محمد الخلال، وأبو بكر بن الأثرم، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو جعفر الطبري، رحمهم الله.
ü ويؤكد هذا المعنى ابن رجب الحنبلي، رحمه الله، بقوله: (وكثير من العلماء المتأخرين يخص السنة بما يتعلق بالاعتقاد، لأنها أصل الدين، والمخالف فيها على خطر عظيم).
ü ويعلق الشيخ الدكتور محمد بن يسري، حفظه الله، على قول ابن رجب فيقول: (ويلاحظ في سبب هذا الإطلاق والاصطلاح الاعتقادي للفظ السنة، أن السنة من مصادر التلقي للعقيدة الصحيحة، وبها تثبت أحكام الاعتقاد.
q ملاحظة: جل هذه المشاركة مستفاد من كتاب "حجية السنة"، للشيخ الدكتور الحسين شواط، وكتاب "علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة، المبادئ والمقدمات" للشيخ الدكتور أبي عبد الله محمد بن يسري.
والله أعلى وأعلم
يتبع إن شاء الله
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 07 - 2006, 09:01 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
فقد مر تدوين علوم السنة بشعبها المختلفة، رواية ودراية، بعدة مراحل، بدأت بجهود فردية، شأنها شأن كل العلوم في بداياتها، فإنها أشد ما تكون شبها بالطفل الصغير، يولد ضعيفا، ثم ما يلبث أن يقوى شيئا فشيئا، حتى يصل لمنتهى قوته، ثم ينحدر شيئا فشيئا حتى يصل لمرحلة الشيخوخة، وهي سنة كونية تجري على كل مخلوق، كما أشار إلى ذلك ابن خلدون، رحمه الله، في معرض كلامه عن نشوء الدول وانهيارها.
وأهمية هذا الموضوع تكمن في الرد على شبهات المستشرقين، ومن لف لفهم من المستغربين الذين ينتمون لأمة الإسلام، فقد ركز المستشرقون على ترويج فرية تأخر كتابة السنة، حتى أوائل القرن الثاني الهجري، لما أمر أمير المؤمنين، عمر بن عبد العزيز، رحمه الله، بالجمع الرسمي للسنة، تحت إشراف الدولة، وبالتالي يصفو لهم ما يزيد على 80 عاما، من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى بداية التدوين، ومعلوم ما حدث في هذه الفترة من ظهور لفرق منحرفة، اتخذت من وضع الأحاديث، سبيلا لترويج بدعها، لا سيما الرافضة، فهم يكذبون ديانة!!!!!!، وما ظنك برجل يتعبد الله عز وجل بالكذب على رسوله، ناهيك عن أئمة المعتزلة والمرجئة، الذين ثبت كذبهم في الحديث، وإن لم يبلغوا مبلغ الرافضة، فالكرامية، على سبيل المثال، جوزوا وضع الحديث في الترغيب والترهيب، وإلى هذا أشار العراقي، رحمه الله، في الألفية بقوله:
وجوز الوضع على الترغيب ******* قوم ابن كرام وفي الترهيب.
وحتى هذه المحاولة المتأخرة لكتابة السنة، على حد زعمهم، لم تسلم من التشكيك، فركز المستشرقون وأذنابهم على الطعن في الإمام الزهري، رحمه الله، المتوفى سنة 124 هـ، بصفته المكلف رسميا بالإشراف على تدوين الأحاديث النبوية.
¥