تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول: غريب، هكذا بإطلاق، وهو يعني به الضعيف، والله أعلى وأعلم.

ومن المسائل المهمة في هذا الموضع، كلام بعض العلماء، كالذهبي، رحمه الله، في جامع الترمذي وانحطاط درجته عن سنن أبي داود والنسائي لروايته عن بعض الكذابين كمحمد بن سعيد المصلوب ومحمد بن السائب الكلبي، وممن دافع عن الترمذي، الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرح العلل فقال:

( ..... ولا أعلم أنه خرج عن متهم بالكذب متفق على اتهامه: حديثا بإسناد منفرد إلا أنه قد يخرج حديثا مرويا من طرق أو مختلفا في إسناده وفي بعض طرقه متهم وعلى هذا الوجه: خرج حديث محمد بن سعيد المصلوب ومحمد بن السائب الكلبي، نعم قد يخرج عن سيئ الحفظ وعمن غلب على حديثه الوهن ويبين ذلك غالبا ولا يسكت عنه).

وقال في موضع آخر:

( ..... والغرائب التي خرجها فيها بعض المناكير ولا سيما في كتاب الفضائل، ولكنه يبين ذلك غالبا).

وقال في موضع ثالث: (وقد اعترض على الترمذي بأنه في غالب الأبواب يبدأ بالأحاديث الغريبة الإسناد غالبا. وليس ذلك بعيب لأنه رحمه الله يبين ما فيها من العلل ثم يبين الصحيح في الإسناد، وكأن قصده، رحمه الله، ذكر العلل ولهذا نجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث بدأ بما هو غلط ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له .... الخ).

ومن هذين النصين، يمكن استنتاج الآتي:

· أولا: أن الترمذي، لم يخرج لهؤلاء المتهمين على سبيل الانفراد، وإنما أخرج طريقهم ضمن طرق للحديث يحكيها، فقد يكون إخراجه لهم لمجرد جمع طرق الحديث في موضع واحد، خاصة إذا كان الحديث مختلفا في إسناده، فيكون إخراجه لها لتعليلها، ومن ثم الإشارة إلى الصحيح.

· ثانيا: من النص الثاني، يتضح أن الترمذي، بين في غالب الأحيان درجة ما أخرجه من مناكير فخرج من عهدتها بذكر حكمها، وغالبها في كتاب الفضائل، وهو كتاب لا يتشدد في أحاديثه ككتب الأحكام.

· ثالثا: أن ما خرجه عن أولئك المتهمين قليل جدا.

ومن عادة الترمذي، رحمه الله، أن يشير لباقي الطرق إشارة عابرة بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان .......

ومع ذلك نقول بأن هذه الأحاديث الموضوعة أو شديدة الضعف، قد فطن لها النقاد وحكموا عليها بما تستحقه من ضعف أو وضع، فلا ضرر من وجودها في الأصول، بل إن حذفها من الأصول بحجة ضعفها أو وضعها تحريف لدواوين السنة، وفي هذا رد صريح على من يرمي أهل السنة بالرواية عن الضعفاء والهلكى دون أن يدرس مناهج محدثي أهل السنة في الجمع والتدوين، فكتبنا، ولله الحمد، قد حررت وخدمت، وعرف صحيحها من سقيمها، وفق منهج علمي معتمد لا وفق أهواء النقاد، وإنما هي شبه يلقيها المخالف ليشكك أهل السنة في تراثهم، مع أنه لو نظر في كتب مذهبه المعتمدة لوجد فيها العجب العجاب سندا ومتنا، وصدق من قال: "رمتني بدائها وانسلت"، وعلماء أهل السنة ليس عندهم ما يخفونه عن عوام أهل السنة، خلاف من يخجل من ذكر أسماء كتب مذهبه المعتمدة، كما شاهدنا ذلك في بعض المناظرات التي تبثها الفضائيات، لئلا يفطن عوام مذهبه لما فيها من طوام، فهم حريصون كل الحرص على تضليل عوامهم وإخفاء طوام كتبهم، فضلا عن عبثهم المستمر في أصولهم، وهو عمل قبيح ينافي الأمانة العلمية، والله أعلم.

وقد تساهل بعض العلماء في إطلاق الصحيح على جامع الترمذي كأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، والخطيب البغدادي، رحمهما الله، وفي ذلك يقول العراقي:

ومن عليها أطلق الصحيحا ******* فقد أتى تساهلا صريحا.

والعراقي يقصد هنا كتب السنن جميعها لا سنن الترمذي فقط.

وبشكل موجز يمكن أن يقال بأن شرط الترمذي أدنى من شرط أبي داود والنسائي، وللمسألة تفصيل يأتي إن شاء الله.

وثمة مسألة أخيرة، وهي أن الناظر في نسخ الترمذي المختلفة، يجد اختلافا في أحكامه على بعض الأحاديث، تبعا لاختلاف النسخ، وقد يكون هذا من تصرف النساخ، ولذا اشترط ابن الصلاح، رحمه الله، تصحيح الأصل الذي ينظر فيه الباحث بجماعة أصول، ومن ثم يعتمد على ما اتفقت عليه هذه النسخ، وفي هذا يقول العراقي رحمه الله:

وأخذ متن من كتاب لعمل ******* أو احتجاج حيث ساغ قد جعل

عرضا له على أصول يشترط ******* وقال يحيى النووي: أصل فقط.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير