تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلم أر واضعا كف حائر ******* على ذقن أو قارعا سن نادم

فأي عقيدة هذه التي يتبرأ منها أصحابها بعد غروب شمس العمر؟، وأي عقيدة هذه التي لا يعيها إلا الخاصة، فما بال العامة الذين قصرت عقولهم عن إدراك هذه المعاني الدقيقة؟، أدين محمد صلى الله عليه وسلم هذا أم كهنوت كنسي لا يتداول أمره إلا خاصة القسس الذين لا يدركون، عند التحقيق، معناه، وإنما توارثوه عن أسلافهم وحملوا الناس عليه قسرا، وشنعوا على مخالفه ولو كان الحق معه، عذرا أيها المتكلمون فتاريخكم كتاريخ القوم، فمن ينسى امتحانكم الأمة بأكملها زمن المأمون، غفر الله له، لما انتحل مذهبكم الباطل في خلق القرآن فحملتم الأمة بحد السيف على اعتناق هذه النحلة الخبيثة، ولولا أن قيض الله لكم أحمد، رحمه الله، لثلم دين أحمد صلى الله عليه وسلم، فحفظ الله دين أحمد بن عبد الله، بـ "أحمد بن حنبل"، فلا أدري ما سر إصرار متأخريكم على نبز أتباع المنهج السلفي الذي لا يتعصب لأشخاص بأعينهم، وإن كان يتشرف بالانتساب إلى الدعوات السلفية التجديدية، كدعوة شيخ الإسلام، رحمه الله، في القرن الثامن الهجري، ودعوة شيخ الإسلام، محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله، في القرن الثاني عشر الهجري، ناهيك عن الدعوات المحلية التي آتت أكلها في كثير من أقطار العالم الإسلامي كدعوة الشيخ المجدد الإمام عبد الحميد بن باديس، رحمه الله، في الجزائر الحبيب، في القرن الماضي، لا أدري ما سر إصرارهم على نبز أتباع هذه الدعوات المباركة بـ "التكفير" و "الخروج" و "الوهابية" و "التعصب" و ................ الخ من قائمة التهم التي لا تنتهي، مع أنهم يعلمون أن أتباع هذا المنهج من أبطأ الناس سيرا إلى تكفير المعينين، وإن وقعوا في الشرك الأكبر، ما لم تقم عليهم الحجة الرسالية، على تفصيل لا يتسع المقام لذكره، نعم أتباع المنهج السلفي لا ينكرون مسألة التكفير من أصلها لأنها مسألة شرعية تأخذ جانبا من مباحث علم العقيدة، يحمل عنوان "مسائل الأسماء والأحكام"، أي: أسماء الناس من مؤمن ومسلم وفاسق ومبتدع وكافر ومنافق ومرتد و ................... الخ، والأحكام على هذه الأصناف، كما نطق بها الوحي لا كما نطقت بها ألسنة القوم الذين راحوا يرمون أهل السنة بألفاظ لم ترد في كتاب أو سنة فهم "حشوية"، "نابتة"، "مجسمة"، ................. الخ، فبالله عليكم من أين لكم هذه الألقاب التي نهى الله، عز وجل، عن التنابز بها إذ يقول: (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ)، وهم مع اهتمامهم بهذه المسألة الجليلة لا يفرطون في بحثها حتى يمتحنوا الناس عليها، (وإن وقع ذلك من أفراد ينتمون لهذا المنهج، فلا يحكم على المنهج بأخطاء بعض أتباعه وإنما يحكم على المنهج بأصوله لا أفراده)، وإنما قاعدتهم واضحة: لا يكفر إلا من كفره الله، عز وجل، وكفره رسوله، مع استصحاب قاعدة العذر بالجهل في كل أصول الدين وفروعه، وإن كانت هذه القاعدة تخضع لتفاوت الأمكنة والأزمنة، فما يعذر به في مكان ما أو زمان ما لا يعذر به في مكان آخر أو زمان آخر، مع الأخذ في الاعتبار أن العذر بالجهل لا يعني جواز الإعراض عن معرفة الحكم الشرعي مع القدرة على ذلك ليسوغ كل مبتدع أو مرتد لنفسه ما تحدثه به بحجة أنه معذور بجهله بالحكم الشرعي، فأين هذا الوضوح، وهذه الحدود الفاصلة التي يفصل بها في هذه المسألة الشائكة من اضطراب المدرسة الأشعرية، على سبيل المثال، في مسألة التكفير، فالقوم قد غلب على متأخريهم التصوف والإرجاء، ومع ذلك تخبطوا في هذه المسألة أيما تخبط، وعن ذلك يقول الشيخ الدكتور عمر بن عبد العزيز، حفظه الله، وهو واحد من دعاة المنهج السلفي من خريجي ومدرسي جامعة الأزهر، أحد أعرق المدارس الإسلامية الأشعرية المعاصرة، يقول عن منهج الأشاعرة في هذه المسألة: (الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير، فتارة يقولون لا نكفر أحدا، وتارة يقولون لا نكفر إلا من كفرنا، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق والتبديع أو بأمور لا توجب التفسيق والتبديع، فمثلا يكفرون من يثبت علو الله الذاتي، أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون: إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير