تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الإمام علي بن أبي طالب"رض": "إنَّ للوالدِ على الولدِ حقًّا، وإنَّ للولدِ على الوالدِ حقًّا، فحقُّ الوالدِ على الولدِ أنْ يُطيعَهُ في كلِّ شيءٍ إلاَّ في معصيةِ الله سبحانه، وحقُّ الولدِ على الوالدِ أنْ يُحْسنَ اسمَهُ، ويُحسنَ أدبَهُ، ويُعلِّمَهُ القرآنَ "* (12)،" إذا سمَّيتم فعبِّدوا "* (13).

قال عمر بن الخطاب"رض": " أحبكم إلينا أحسنكم أسماءً، فإذا رأيناكم فأجملكم منظراً، فإذا اختبرناكم فأحسنكم مَخبراً "* (14).

ويُستحبُّ عند المسلمين تسمية كلّ مولود باسم محمّد لسبعة أيام على الأقل، وقال جعفر الصادق في هذا المجال:"لا يولد لنا ولدٌ إلاَّ سمَّيناه محمّداً، فإذا مضى سبعةُ أيامٍ، فإنْ شئنا غيَّرنا، وإلاَّ تركنا "* (15).

قال ابن عبَّاس:"إذا كان يوم القيامة، نادى منادٍ: ألا ليقم كلُّ مَنْ اسمُهُ محمد، فَلْيَدخل الجنَّة لكرامة سميِّه محمّد "* (16).

قال حكماء العرب:" إنَّ من حقِّ الولدِ على والدهِ أن يختارَ له أُمّاً كريمة، ويسمِّيه اسماً حسناً، ويعلِّمه القراءة والكتابة "* (17).

قيل لعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف جد الرسول العربي"ص": ما سمَّيت ولدَك؟ قال: محمَّداً، فقيل له: كيف سمَّيته باسمٍ ليس لأحدٍ من آبائك وقومك؟ فقال: سمَّيته محمَّداً لأنِّي أرجو أنْ يَحْمَدَهُ أهلُ الأرضِ كُلُّهُمْ ويَحْمَدَهُ أهلُ السَّماءِ * (18).

وتذكر كتب السيرة النبوية الشريفة أنَّ الرسول"ص" قد أبدل الكثير من الأسماء القبيحة للأشخاص والبلدان وسمَّاها بأسماء حسنة، كتغييره اسم عاصية إلى جميلة، وحرب إلى سلام، وحزن إلى سهل، وأبدل اسم أبي بكر"رض" من عبد الكعبة إلى عبد الله، وابن عوف من عبد الحارث إلى عبد الرحمن، وبرَّة بنت أمّ سلَمَة إلى زينب، وبني غيَّان إلى بني الرشدان، وبني معاوية إلى بني مرشدة، وبني الريبة إلى بني الرشدة، ومدينة يثرب إلى طيبة، وشِعْب الضلالة إلى شِعْب الهدى .. * (19).

بعض العوامل التي تلعب دوراً في اختيار اسم المولود الجديد

قال الشاعر* (20):

ولنا أسامٍ ما تليقُ بغيرنا ومشاهِدٌ تهتلُّ حين ترانا

تخضع عملية اختيار الاسم لظروف خاصة ضمن كلّ أسرة، وهناك عوامل عديدة يصعب تحديدها تتداخل بهذا الاختيار، وسأحاول ذكر أهم الأفكار التي تراود الأهل عند وقوفهم أمام هذا الموضوع:

1. تشكل العوامل الدينية مصدراً هاماً لفئة واسعة من الناس أثناء اختيارهم أسماءً لأبنائهم، ومنها الأسماء المركبة ومعظمها ما عُبِّد لله تعالى (عبد الرحيم، عبد السلام .. )، أو المضافة إلى لفظ الجلالة تبركاً (نصر الله، أَمَةُ الله، خير الله .. )، أو ما حُمِّد من الأسماء (محمد أحمد، محمد علي .. )، أو التي أضيفت إلى لفظ الدين (علاء الدين، نصير الدين .. )، أو التي أضيفت إلى الإسلام (سيف الإسلام، مجد الإسلام .. )، أو التسمية بأسماء الأنبياء (محمّد، عيسى، يوسف، يونس، إبراهيم .. )، أو بأسماء آل بيت النبي"ص" (علي، الحسن، الحسين، فاطمة، .. ) أو بأسماء الصحابة (أبو بكر، مقداد، بِشر، ياسر، عمر، سلمان .. ) أو الأولياء والقديسين وقادة الفتوحات (طارق، مريم، خالد، قتيبة، عُبيدة، مارون .. )، أو بأسماء نساء المسلمين الأوليات (خديجة، عائشة، زينب، رقيَّة، آمنة، أمُّ سَلَمة، أمُّ كلثوم .. )، وهناك فئة من أسماء التعبّد لغير الله تعالى وأسمائه الحسنى، والغاية منها التبرّك وتكريم أصحابها وليس بمفهوم العبودية المتعارف عليه (عبد علي، عبد المسيح، عبدة الزهراء .. )، كما يأخذ بعض الناس القرآن الكريم مصدراً لاختيار الأسماء تبرّكاً بكلمات الله عزَّ وجلّ (كوثر، تسنيم، رمضان، مريم، إسلام، آيات، آلاء، .. )، قال صفي الدين الحلِّي مادحاً آل بيت الرسول"ص"* (21):

لَهُم أَسامٍ سَوامٍ غَيرُ خافِيَةٍ مِن أجلِها صارَ يُدعى الاسمُ بالعَلَمِ

2. كانت للعرب قديماً طرقٌ عديدة في اختيار اسم المولود، منها:

-تسمية المولود بأوّل شيء تقع عليه عينا المسمِّي (ريم، ظبية، غزال، مهر، ذئب، ثُعالة .. ).

-التسمية بأسماء تدبّ الرعب والخوف في قلوب السَّامعين، وتتسم بالقوة وتبعث على الرهبة (غضنفر، جُنادل، ليث، صخر، شأس، عوسجة، ذئب، .. )، بينما سمَّوا عبيدهم وجواريهم بأرقّ الأسماء وأنعمها

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير