تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يحاط به، ولم نقصد قصده هنا، وإنما قصدنا بيان الحكم الشرعي".

المسألة الثانية

وفيه ذكر رحمه الله أنه يتعين قتل الساب، ولا يجوز استرقاقه، ولا المنُّ عليه، ولا فداؤه، فقال: "أما إن كان مسلماً فبالإجماع؛ لأنه نوع من المرتد، أو من الزنديق، والمرتد يتعين قتله، وكذلك الزنديق، وسواء كان رجلاً أو امرأة، وحيث قَتل يُقتل مع الحكم بإسلامه، فإن قتله حدٌّ بالاتفاق، فيجب لإقامته، وفيما قدمناه دلالة واضحة على قتل السابة المسلمة من السنة وأقاويل الصحابة، فإن في بعضها تصريحاً بقتل السابة المسلمة، وفي بعضها تصريحاً بقتل السابة الذمية، وإذا قتلت الذمية للسب فقتل المسلمة أولى كما لا يخفى على الفقيه".

تطهير الأرض من إظهار سب الرسول

وقد ذكر شيخ الإسلام: أن تطهير الأرض من إظهار سب رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب حسب الإمكان؛ لأنه من تمام ظهور دين الله وعلو كلمة الله وكون الدين كله لله، فحيث ما ظهر سبه ولم ينتقم ممن فعل ذلك لم يكن الدين ظاهراً ولا كلمة الله عالية، وهذا كما يجب تطهيرها من الزناة والسُّرَّاق وقُطَّاع الطريق بحسب الإمكان، بخلاف تطهيرها من أصل الكفر فإنه ليس بواجب، لجواز إقرار أهل الكتابين على دينهم بالذمة لأن إقرارهم بالذمة ملتزمين جَرَيان حكم الله ورسوله عليهم لا ينافي إظهار الدين وعلو الكلمة، وإنما تجوز مهادنة الكافر وأمانه عند العجز أو المصلحة المرجوة في ذلك، وكل جناية وجب تطهير الأرض منها بحسب القدرة يتعين عقوبة فاعلها العقوبة المحدودة في الشرع إذا لم يكن لها مستحق معين، فوجب أن يتعين قتل هذا؛ لأنه ليس لهذه الجناية مستحق معين، لأنه تعلق بها حق الله ورسوله وجميع المؤمنين، وبهذا يظهر الفرق بين الساب وبين الكافر، لجواز إقرار ذلك على كفره مستخفياً به ملتزماً حكم الله ورسوله، بخلاف المظهر للسب.

المسألة الثالثة

وذكر فيه أن الساب يقتل ولا يستتاب، سواءٌ كان مسلماً أو كافِراً، ونقل قول الإمام أحمد كما في رواية حنبل: "كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم وتنقصه مسلماً كان أو كافِراً فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يُستتاب".

وقال: كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثاً مثل هذا رأيت عليه القتل، ليس على هذا أُعطوا العهدَ والذمةَ.

وقال عبدالله: سألت أبي عمن شتم النبي صلى الله عليه وسلم يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل، ولا يستتاب، خالد بن الوليد قتل رجلاً شتم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستتبه.

وختم شيخ الإسلام كتابه بـ

المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ

وفيها بين رحمه الله المقصود بالسَّبِّ، وَالفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُجَرَّدِ الكُفْرِ، فقال: "إن سب الله أو سب رسوله كفرٌ ظاهراً وباطناً، وسواءٌ كان السابُّ يعتقد أن ذلك محرَّمٌ، أو كان مستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمانَ قولٌ وعملٌ".

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير