تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قد صدقتَ أخي فيما قلتَ, ولعلّ في الواقع من ذلك أضعاف, وفي أختلافه أصناف.

عزيزي؛ بدا لي من قراءتي واطّلاعي أنّ البحث عن الرجال كان همًّا وهاجسًا منذ القديم؛ حتّى ما قبل الإسلام, ألا ترى السموءل يقول:

تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ

وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ

وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ

لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ

صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ

وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ بِها مِن قِراعِ الدارِعينَ فُلولُ

مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها فَتُغمَدَ حَتّى يُستَباحَ قَبيلُ

وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ

سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ فَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ

وأظنّنا في هذا الزمن نبحث عن صفات ذكرها, وعن قلّةٍ صوّرها, ولا أعلم عصرًا خفتتْ فيه هواجس البحث عن الرجال إلاّ عصرَ الرجال؛ محمّد صلّى الله عليه وسلّم وصحبه والسائرين على نهجه.

ونحن إذ نعلم أنّ المادّة التي بنى الله بها الرجال ماتزال موجودةً بفضل الله ثمّ لا نلتزم بتعاليمها لنحصلَ على المأمول من دنيانا التي فيها معاشنا, ومن أخرانا التي إليها مآلنا= لقومٌ ضاعت منهم عقولهم, وأفسدوا دنياهم ودينهم فاستحقّوا ما قاله الفاروق: نحن قومٌ أعزّنا الله بالإسلام ...

وصدق فينا قول الشاعر:

يا طالبَ المجد في الآفاق مجتهداً والمجدُ أقربُ من ساق إلى قدمِ

لكنْ؛ لا ينبغي أن نتجاوز الحدّ في اللوم ونحن جزءٌ من هذا الواقع, بل المطلوب منّا أن نتعلّم كيف يكون الرجال ثمّ نعلّم من لا يعلم, بالحكمة والموعظة الحسنة كما أمر ربّنا سبحانه.

وإنْ كانت الملامة تنبّه الغافل في بعض الأحيان فإنّها قد تنفّره في أحيان أُخَر, وذلك عندما لا يعرف ما الذي يجب عليه كي يكون كما ينبغي.

ومثل هذا المعنى مطروق من قديم وهو قول الشاعر:

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيث قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ

فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

وأنا أسأل الله أن يهدينا لما يرضيه, وأنْ يصرفنا عمّا سواه, وأن نستحقّ شرف عبادته بحقّ.

ثابر أخي في بحثك فلن يخيّب الله مسعاك, ولا تيأس من روح الله.

والحمد لله أوّلاً وآخرا

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 06:09 ص]ـ

موضوع نفيس ورائع

هنا في نفس السياق http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=38843

سلمت يمينك

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير