ـ[فارس النهار]ــــــــ[25 - 10 - 09, 11:43 م]ـ
قال الشيخ حفظه الله في مقدمة شرحه على الورقات:
(( ... وعلى هذا إذا عرفنا أن هذه العلوم التي يسميها أهل العلم علوم الآلة التي هي مجرد وسائل لفهم المقاصد من نصوص الوحيين فلا ينبغي لطالب العلم أن يصرف كلَّ وقته لهذه العلوم، بل عليه -لا أقول ينبغي- بل عليه أن يأخذ منها بقدر ما يحتاج إليه في فهم الكتاب والسنة، وليس معنى هذا التقليل من شأن هذه العلوم، القدر الذي يتوقف عليه فهم الكتاب والسنة أمر لا بد منه سواء كان في علوم العربية، أو في أصول الفقه أو في علوم الحديث، أو في قواعد التفسير وعلومه، وغير هذه العلوم مما يحتاجه من يعاني نصوص الوحيين.
ومع هذا التوجيه وعدم إضاعة جميع الوقت في تحصيل هذه الوسائل .. ؛ لأن من الناس من يستهويه علم النحو مثلاً أو علم أصول الفقه فتجده في جميع مراحل عمره، في شبابه، في كهولته، في شيخوخته، إلى أن يموت وهو يقرأ ويقرئ ويدرس ويؤلف في النحو فقط.
إذا عرفنا أن هذا وسيلة لفهم الكتاب والسنة فكيف نقدمه على الغاية والمقصد، ومثله تجد مثلا ًالشخص يتدرج في علم النحو ويقرأ الأجرومية ثم القطر ثم الألفية ثم يطلع إلى ما فوق ذلك من شروح الألفية والمفصل وشروحه وكتاب سيبويه ثم ينتهي عمره على لا شيء، والنحو كما قال أهل العلم: كالملح في الطعام، معناه إذا زاد ضرَّ، لكنه لا بد منه.
ومثله أصول الفقه، تجد بعض الناس يقرأ الورقات ويقرأ شروح الورقات وما نظم فيها، وشروح المنظومات، ثم يطلع إلى مختصر التحرير أو التحرير مع شرحه، ثم الروضة مع شروحها ثم المستصفى ثم البحر المحيط وغيره ويفني عمره في ذلك، فلا إفراط ولا تفريط.
على طالب بالعلم أن يكون متوسطاً في أموره، لا يهمل هذه العلوم بالكلية، كما سمعنا بعض الدعاوى التي تدعو إلى ذلك فيقلل من شأن هذه العلوم، وجدت دعاوى تقلل من شأن العربية، ما أدري كيف يفهم الإنسان الكتاب والسنة وهو لا يعرف العربية، وجدت دعاوى تقلل من شأن أصول الفقه، وهو علم حادث ودخله ما دخله من علم الكلام، نعم، هو علم حادث أوجدته الحاجة، لكن أصوله حاضرة في أذهان الصحابة والتابعين، قد يقول قائل: أصول الفقه لو كان الناس بحاجةٍ إليه استغنى عنه الصحابة والتابعون، ولم يؤلف فيه حتى جاء الإمام الشافعي على رأس المائتين فألف -فكتب الرسالة- إذن هو حادث، نقول: لا، كان معلوم عند أهل العلم من الصحابة والتابعين في أذهانهم، لما وجدت الحاجة ودعت الضرورة إلى التأليف ألف فيه، ومثله الدعاوى التي تقال في علوم الحديث مثلاً، وتدعو إلى نبذ القواعد وغير ذلك، وهذا له مجال آخر.
ومثله أيضاً التقليل من شأن كتب الفقه، والاجتهاد والمطالبة بالاجتهاد والتفقه من الكتاب والسنة رأساً –مباشرةً- لأنهما الأصل، والأمر كذلك هما الأصل، لكن متى يتأهل الإنسان للاجتهاد؟
وهذا الكلام مبسوط في موضعٍ آخر والدورة مدتها قليلة، والإخوان يشيرون إلى أن إكمال الكتاب أمر مفضل عندهم، وإن كان على حساب نوعية الشرح؛ لأن هناك مسائل تحتاج إلى بسط، وتحتاج إلى توضيح وزيادة في ضرب الأمثلة، لكن كما أشار الإخوان لا بد من تكميل الكتاب؛ لأن من الإخوة ممن حضر من خارج البلاد، ولا يتسنى لهم حضور مجالس أخرى لإكمال الكتاب، وعلى كل حال سوف يكون الشرح متوسطاً -إن شاء الله- بقدر ما يحل إشكالات الكتاب ورموزه ... ))
انتهى المقصود من كلام الشيخ, وهذه المقدمة تستحق أن تُقرأ كلها لما فيها من الفوائد بخصوص هذا العلم.
المصدر: شرح متن الورقات في أصول الفقه (1) ( http://www.khudheir.com/audio/1142)
ـ[أم معاذ]ــــــــ[26 - 10 - 09, 04:57 ص]ـ
بارك الله فيكم وكتب أجركم
ـ[بن الصلاح الشنقيطى]ــــــــ[26 - 10 - 09, 06:44 ص]ـ
جزاك ربي خيراً
ـ[د. عادل القاري]ــــــــ[26 - 10 - 09, 06:56 ص]ـ
سؤال:
هل تنصحون بالتعمق في علم أصول الفقه؛ لأنه علم متين لا يدرك دقائقه إلا فحول الرجال على قول أحد السلف، وخاصة المطولات منه؟
أما علم الأصول، وعلوم العربية، وعلوم القرآن، ومصطلح الحديث هذه وسائل لفهم غايات، فيؤخذ منها ما يعين على فهم الغاية، فمثلاً النحو، إذا قرأت الآجرومية، وقرأت شروحها، وسمعت عليها الشروح المسجلة، ثم بعد ذلك القطر، وإن استفدت من الألفية في المواطن التي لم تمر عليك في الكتابين يكفيك، ما يلزم أن تقرأ مطولات النحو، لا كتاب سيبويه ولا شروحه، ولا المفصل، ولا شروحه، تقتصر منه على هذا القدر، وقل مثل هذا في أصول الفقه، إذا قرأت الورقات مع شروحها، وسمعت ما سجل عليها، وحضرت درس فيها، ثم مختصر التحرير، أو البلبل مع شرحه، ثم بعد ذلك تراجع المطولات عند الحاجة.
المصدر: بلوغ المرام - كتاب البيوع (11) ( http://www.khudheir.com/audio/4474)
جزى الله الشيخ كل خير
لكنني أرى أن ما ذكره آنفا لا يربي الملكة التي بها تكون قواعد هذه العلوم سجية، فيصدر الفهم السديد من غير تكلف. ويحضرني هنا قول أبي حيان في مقدمة تفسيره: الكتاب مرقاة إلى فهم الكتاب. أي كتاب سيبويه مرقاة إلى فهم كتاب الله تعالى. وقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن كتاب سيبويه: فيه حكمة كلام العرب.
ونصوص الشريعة عربية ولن تفهمها حق الفهم حتى تعرف مقاصد العرب من كلامها ومعهود خطابها، وهذا لا يتأتى بشروح النحو اليسيرة.
وأرجو أن يراجع من أحب كلام الشاطبي في الموافقات عن الاجتهاد في العربية، وأيضا كلام الإسنوي في مقدمة الكوكب الدري ..
وسأرجئ الكلام عن أصول الفقه إلى وقت آخر.
ابذل كل ما في وسعك في بداية الطلب لتحصيل علوم الآلة، ولا تهمل العلوم المقاصد كالفقه والتفسير.
تضلع من الأدوات والوسائل لتصل إلى مقصودك، فالمسافر بسيارة قوية يصل قبل الماشي على قدميه .... هذا رأيي، وكلام الشيخ فيه البركة والخير ونفعنا الله جميعا بكل ما نقرأ ونسمع.
د. عادل
¥