تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد ثبت أن المذهب المالكي دخل الغرب الإسلامي في حياة صاحب المذهب ([6] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn6))، نعني في حياة الإمام مالك رحمه الله، وذلك على يد الآخذين عن مالك في المدينة المنورة ممن رحلوا إليه من أهل إفريقية والأندلس، واشتهر من هؤلاء جماعة ترجم بهم القاضي عياض في "ترتيب المدارك" ([7] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn7)). وأشهر أسانيد المغاربة في "الموطأ" إنما تنتهي إلى يحيى الليثي ([8] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn8)).

ولم يعد تلاميذ مالك من المدينة بعد جلوسهم إلى مالك وأخذهم عنه "الموطأ" فحسب، بل رجعوا ومعهم المدونات التي دونوها، على أن الإمام مالك رحمه الله لم يكن يفيد الجالسين إليه بعلمه وهو كثير فحسب، وإنما كان له أثره البالغ في سلوكهم وأخلاقهم. وهكذا كانوا يأخذون عنه العلم وأنماطاً من السلوك يسيرون عليها في حركاتهم وسكناتهم.

وقد أفاض القاضي عياض رحمه الله في الحديث عن عادات مالك وسلوكه ([9] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn9))، وقد أشاع تلامذة مالك علم شيخهم وسلوكه، وأقاموا صلات وثيقة بينهم، وهكذا نجد سلسلة متصلة تمتد من قرطبة وتصل إلى الإسكندرية عبر ابن حمدين في قرطبة، وعياض في سبتة، والمازري في المهدية، والطرطوشي في الإسكندرية.

وتختلف الآراء بخصوص تفسير أسباب تحول الأندلسيين عن مذهب الأوزاعي وكانوا على مذهبه إلى المذهب المالكي، كما تختلف في تحديد أسباب استقرار المذهب المالكي في الغرب الإسلامي، فمن ذاهب إلى أن المذهب المالكي استفاد من دعم حكم الأمويين، ومن دعم هشام بن عبد الرحمن خاصة، إلى قائل بملاءمة المذهب في بساطته لعقلية الشعوب في هذه المنطقة.

والحق أن كلا الرأيين لا يقدمان جواباً كافياً، إن المذهب الذي يستمد قوته من السلطة الحاكمة لا يقوى على الاستمرار كيفما كان الدعم الذي تقدمه السلطة، ولنا في التاريخ أمثلة متعددة تدل كلها على فشل السلطة في إقرار المذهب بصفة دائمة، وأن القول ببساطة المذهب المالكي، فرأي يفتقر إلى التسليم أولاً وإلى سلامة المقدمة التي يقوم عليها: أين تتمثل هذه البساطة؟ بل ما معنى هذه البساطة؟ ثم هل صحيح أن فكر المجتمع الإسلامي بغرب العالم الإسلامي بسيط؟ وكيف ذلك؟ وما مظاهر هذه البساطة؟ وهذا مما سنعود إليه في حينه.

إن تفسير الظواهر المعقدة في الحياة الفكرية والاجتماعية لأي مجتمع لا يمكن أن يستند إلى سبب أو سببين، فلابد من توافر أسباب كثيرة متداخلة. ومهما يكن فإن المذهب استلزم أمر انتشاره واستقراره وانتصاره على غيره سنوات بل قروناً، واجه فيها المالكية خصومهم من أصحاب الفرق والطوائف المخالفة بمختلف أنواع الأسلحة، ولم تكن الفرق التي واجهتها المالكية في نفس الدرجة من القوة. وكانت فرقة الخوارج الصفرية أول فرقة واجهتها المالكية.

كان لأخطاء بعض القادة الفاتحين للمغرب أثر كبير في انتشار المذهب الخارجي في المغرب ([10] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn10)). لقد قبل المغاربة الإسلام ودخلوا فيه طوعاً وصاروا من جنده حتى إن ولدي الكاهنة صارا من عداد قادة الجيش الإسلامي الفاتح، وكانوا الفاتحين للأندلس، ولكنهم رفضوا استغلال بعض الولاة لهم، فقاوموا ولاة الأمويين عليهم وانتهى رفضهم لولاة دمشق إلى إعلان التمرد على الحكم الأموي وعانقوا المذهب الخارجي، ورأوا فيه المذهب الذي يتجاوب مع واقعهم، فالمذهب الخارجي يفسح المجال لغير العرب بولاية شؤونهم والقيام بأمورهم ويحررهم بذلك من حكم الولاة الأمويين الذين بالغوا في جمع الأموال من الأهالي بقصد إتحاف أسيادهم في دمشق ([11] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/Adad41partie11.htm#_ftn11)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير