والبحث منزلة من منازل العلم ورتبة شريفة من مراتبه وكلما زاد في البحث زاد في الإجتهاد وهذا يحتاج إلى نية خالصة وهو من جهاد الحجة والبيان
وتنمية ملكة البحث يقوم على شيئين الإستعداد النفسي في الباحث والكفائة العلمية والمخزون العلمي والقوة الزهنية
واعلم أن معرفة الطرق المسلوكة في البحث تحصل بأمرين لا إنفكاك عن بعضهما الأول شيخ مجرب يتخرج به طالب العلم ويتمرن بإرشداته في طرق البحث والثاني آلية واضحة ومنهج واضح المعالم في طرق البحث
وقد كتب جماعة في طرق البحث بإسم علم البحث لكنها كتابات في العلوم الدنيوية وليست العلوم الشرعية
فينبغي الممارسة لطرق البحث والآليات لأنها مختلفة ولم توضع مقررة ولكنها تمارس
فهناك طريق عام يتمثل في قراءة كتاب أو أكثر لكن نتجة البحث تأتي متأخرة وهناك طريق أخر خاص أسهل يشتمل على وصف محدد لمسالك البحث للوصول للمقصود
وتبرز سبعة مسالك في بحث المسائل العلمية وما التحق بها وهي:
الأول: إثارة الذاكرة لمحاولة الوصول إلى مظنة المسائلة ومعرفتها ويكون بصحة الذاكرة بترتيبها وإثارتها ويكون بقيمة الذاكرة فتصل إلى المقصود وهناك وسائل لتقويم الذاكرة ومثاله عندما قال أبو داود ما سكتُ عنه فهو صالح فتثير الذاكرة في هذه المسائلة
الثاني: السؤال عن المسائلة المبحوثة وهذا له ثلاثة أركان السائل والمسئول والسؤال وكل ركن له شروط وظوابط مثاله سؤال العصيمي للعثيمين عن ظل الله يوم القيامة وهل هو ظل العرش
الثالث: الكشف عن المسائلة في مظانها العامة المتعلقة بالفن ومظانها الخاصة المتعلقة بما صنف في المسائلة وهذا المسلك له ركنان الأول معرفة المظان المرجو وجود المسائلة فيها والثاني حسن التعامل مع المظان ومثاله سماع الحسن البصري من الصحابة فمظن ذلك هو الكتب المفردة في تحقيقها كالقول الجلي في سماع الحسن من علي للغماري وكذلك تراجم الحسن البصري في كتب التراجم
الرابع: إستعمال الفهارس على إختلاف أنواعها فهي مفاتيح الكتب وللمسلك ركنان الأول معرفة الفهارس القديمة والحديثة والثاني توظيفها بوضعها في مواضعها وأولى الفهارس هي فهارس الموضوعات وليست فهارس المفردات وأحسن ما صنف فيها معجم الموضوعات المطروقة لعبدالله الحبشي اليمني ومثاله مسائلة إختيارات علماء الدعوة النجدية للمسائل الحديثية فبمراجعة فهرس مجموع الرسائل النجدية تعرف هذه المسائل
الخامس: فحص مقيدات الفوائد التي دونها العلماء لأنها ملخص لمطالعات كثيرة وللمسلك ركنان الأول معرفة الكتب التي صنفت على هذا المنوال والثاني إجاد تصنيف لفوائدها فتصنع لها فهارس لفوائدها مثاله مسائلة معنى أهل الحديث إذا أطلق فإذا نظرت للتذكرة التيمورية تجد فيها نقل نفيس عن طبقات الشافعية تبين أن هذا اللقب بإطلاقه عند أهل خرسان يطلق على الشافعية ومنها كتب الرحالات العلمية فهي كثيرة النفع تغنيك عن كثير من كتب التاريخ
السادس: مراجعة مراصد البحث العلمي وقواعد المعلومات كمركز الملك فهد رحمه الله وهي قليلة في بلاد المسلمين وله ركنان معرفة هذه المراكز والقواعد والثاني إختيار الأسلوب الأنسب للإستفادة منها مثاله تسمية ابن حجر لكتابه النكت بالإفصاح فبمراجعة المراكز العلمية تعرف أن الإسم الصحيح هو الإفصاح
السابع: الإستفادة من وسائل التقنية الحديثة كالكمبيوتر والإنترنت والإسطوانات المضغوطة وله ركنان الأول الخبرة بهذه الوسائل والثاني إمتلاك مهارات التعامل معها إستخراجاً وتوثيقاً ومعرفة هذه الوسائل ومثاله تخريج حديث أبي هريرة الحديث القدسي من عاد لي ولياً فنجد أن هذا الحديث للبخاري وقد تفرد به
ثانياً: كيفية دراسة الحديث سنداً ومتناً وهو من مقاصد البحث الحديثي: فالحديث مؤلف من سند ومتن وإليهما يرجع موضوع الحديث وبهما تتعلق غايته فتتعلق بالراوي والمروي وغايته القبول والرد والرواية هي نقل الحديث والدراية هي التفقه في الحديث وهما من علوم الحديث
¥