تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال سعيد بن المسيب رحمه الله -لما قال له ابن عمه في حديث العاقلة في سنن النسائي- قال له: يا أبا عبد الرحمن .. ألما عظمت مصيبتها قلت: ديتها، قال سعيد رحمه الله: يا ابن أخي، إنها السنة ([28]).

يعني إذا جاءك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فطِب به نفساً، وارض به شرعاً وحكماً، لا تتقدم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. يقول بعض العلماء: يخشى على الإنسان الذي تبلغه الحجة من الكتاب والسنة -إذا ردّها ولو برأيه- يخشى عليه أن تصيبه الفتنة.

قال تعالى: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [النور:63]، جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال: يا أبا عبد الله -وكان من أهل المدينة-، إني أريد أن أُهِلّ بالحج من قبر النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد، يعني: أريد أن أنوي الإحرام بالحج في داخل المسجد، حتى يعظم الأجر، بدلاً من أن أُأَخّر الإحرام إلى الميقات، وهو ذو الحليفة، أريد أن أحرم من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له رحمه الله: لا تفعل، إني أخاف عليك الفتنة، فإن الله تعالى يقول: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) فاستنبط هذا الإمام الجليل: أنه لو أحرم من المسجد، لاعتقد أن فعله أفضل من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الفتنة، فلو كان الإحرام من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، لأحرم منه صلى الله عليه وسلم، فكونه يؤخر –صلوات الله وسلامه عليه- يدلّ على أن السنة التأخير، ولا خير في تعمد مخالفة السنة. وكان السلف الصالح –رحمهم الله- يقفون عند الآية من كتاب الله، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا عمر رضي الله عنه، لما قال الرجل المقالة فآذته رضي الله عنه، وغضب منها غضباً شديداً، مع أن الرجل رد على عمر رداً غليظاً يتهمه في دينه .. في أمانته، فأراد عمر أن ينتقم، قال له الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين .. إن الله تعالى يقول: ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)) [الأعراف:199]، وإن هذا من الجاهلين، يقول: والله ما تجاوزها، فما إن سمعها حتى سكن غضبه ([29]). الله أكبر .. أمة تعرف قيمة كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على الإيمان، ولذلك قالوا: من دلائل الإيمان: الاستسلام للكتاب والسنة، فهما طِبّ الأرواح، والله أغلق جميع السبل المفضية إلى الجنة، وأبقى سبيلاً واحداً، وهو سبيل الكتاب والسنة، فطالب العلم الصالح الموفق، إذا ناظرته في مسألة، أو ناقشته في مسألة، فقلت له: قال الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: سمعنا وأطعنا لها، لا يجاوزها، ولا يتكلف في الجواب عنها وردها.

الفصل الثاني

معالم في آداب طالب العالم في نفسه

المَعْلَمْ الأول: في تقوى الله.

المَعْلَمْ الثاني: في الإخلاص.

المَعْلَمْ الثالث: الإقبال على العلم بكليته.

المَعْلَمْ الرابع: الصبر وتحمل المشاق في الطلب.

المَعْلَمْ الخامس: حفظ الوقت واغتنامه.

المَعْلَمْ السادس: اختيار الرفقة في الطلب.

المَعْلَمْ السابع: الوصية بالرفقة.

المَعْلَمْ الثامن: الأدب وحسن الخلق.

المَعْلَمْ التاسع: أخذ العلم عن أهله.

المَعْلَمْ العاشر: الاهتداء بالكتاب والسنة.

المَعْلَمْ الحادي عشر: العمل بالعلم.

المَعْلَمْ الأول: تقوى الله ([30]):

فإن تقوى الله ما كانت في قليل إلا كثرته، ولا في يسير إلا باركته، وصية الله للأولين والآخرين، وموعظة الله لعباده أجمعين، تقوى الله ما دخلت في قلب إلا أدمعت عينيه من خشية الله، وجعلت قلبه أسبق ما يكون إلى طاعة الله ومرضاته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير