كانت مجالس الشيخ عامرةً بالفوائد، غزيرةَ النفع في سائر العلوم، وقد قُرئ على الشيخ كتبٌ كثيرة في دمشق، إذ كان يعقد درسين كلَّ أسبوع يحضرهما طلبة العلم، من تلك الكتب: (زاد المعاد) لابن القيِّم، و (نخبة الفكر) لابن حجر، و (فتح المجيد) لعبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن عبد الوهَّاب، و (الروضة النَّدية شرح الدرر البهيَّة) لصدِّيق حسن خان، و (أصول الفقه) لعبد الوهَّاب خلاف، و (الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث) لأحمد شاكر، و (منهج الإسلام في الحكم) لمحمد أسد، و (فقه السُّنة) لسيِّد سابق، و (رياض الصالحين) للنَّووي، و (الإلمام في أحاديث الأحكام) لابن دقيق العيد.
وقد كان يلقي الدروس والمحاضرات في داره، ودور تلاميذه وأصدقائه من مثل الأستاذ الشيخ عبدالرحمن الباني، والطبيب الألمعي أحمد حمدي الخياط.
وظائفه وجهوده العلميَّة:
عمل الشيخ مدة طويلة في المكتب الإسلامي للشيخ زهير الشاويش، مع كل من العلماء المشايخ: شعيب الأرناؤوط، وعبدالقادر الأرناؤوط، ومحمد بن لطفي الصباغ، وعبدالقادر الحتاوي .. وغيرهم، وقد أفاد من هذا العمل أيما فائدة، إذ كان كثيرٌ من نتاجه العلميِّ في التحقيق والتأليف والتخريج والتعليق من ثمار هذا المكتب الذي نفع الله به المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
ودرَّس الشيخ بالجامعة الإسلامية في المدينة المنوَّرة عند تأسيسها عام 1381هـ مدة عامين، ثم عاد إلى مكانه المخصَّص له في المكتبة الظاهرية، وأكبَّ على الدِّراسة والتَّأليف.
وقد اختارته كلية الشَّريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصَّة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955 م.
كما اختير عضواً في لجنة الحديث، التي شُكِّلت في عهد الوحدة بين مصر و سوريا، للإشراف على نشر كتب السنَّة و تحقيقها.
وطلبت إليه الجامعة السلفيَّة في بنارس في الهند أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر عن ذلك لصعوبة اصطحاب الأهل و الأولاد بسبب الحرب بين الهند و باكستان آنذاك.
واختير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة من عام 1395 هـ إلى 1398 هـ.
وقد لبَّى الشيخ دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في إسبانيا، وألقى محاضرة مهمَّة طُبعت فيما بعد بعنوان: (الحديث حجَّة بنفسه في العقائد و الأحكام).
كما انتُدب من سماحة الشَّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رئيس إدارة البحوث العلمية و الإفتاء بالسعوديَّة، للدعوة في مصر و المغرب وبريطانيا للدعوة إلى التوحيد والاعتصام بالكتاب والسنة والمنهج الإسلامي الحق.
كما دُعي إلى عدَّة مؤتمرات، حضر بعضَها واعتذر عن كثير بسبب أشغاله العلمية الكثيرة.
وزار الكويت و الإمارات و ألقى فيهما محاضرات عديدة، وزار أيضا عدداً من دول أوروبا، واجتمع فيها بالجاليات الإسلامية و الطلبة المسلمين، وألقى دروساً علميَّة مفيدة.
وفي عام 1419هـ = 1999م، مُنح الشيخ جائزةَ الملك فيصل العالمية للدِّراسات الإسلامية، وذلك تقديراً لجهوده القيِّمة في خدمة الحديث النَّبوي تخريجاً و تحقيقاً ودراسة.
مكانته العلميَّة وثناء العلماء عليه:
قال العلَّامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشَّيخ -رحمه الله تعالى- في حقِّ الألباني: "و هو صاحب سنَّة، و نصرة للحقِّ، و مصادمة لأهل الباطل".
وقال العلَّامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: "الشَّيخ الألباني معروفٌ أنه من أهل السنَّة والجماعة، ومن أنصار السنَّة، ومن دعاة السنَّة، ومن المجاهدين في سبيل حفظ السنَّة". وقال: "لا أعلم تحت قُبة الفلك في هذا العصر أعلمَ من الشَّيخ ناصر الدين الألباني في علم الحديث".
وقال العلَّامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: "فالذي عرفتُه عن الشَّيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل، أنه حريص جداً على العمل بالسنَّة، ومحاربة البدعة، سواء كان في العقيدة أم في العمل .. أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، وأنه ذو علم جمٍّ في الحديث، رواية ودراية، وأن الله تعالى قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس من حيث العلم، ومن حيث المنهاج، و الاتجاه إلى علم الحديث، و هذه ثمرةٌ كبيرة للمسلمين و لله الحمد .. أما من حيثُ التحقيقاتُ العلمية الحديثية فناهيك به".
¥