تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أداء هذا مقصّرون بل الغالبيّة العظمى ليس عندهم من الإمكانات ما يمكّنهم من ذلك، فإلى الله المُشتكى، ومن هنا أوجّه ندائي لكلّ من يراه من الإخوة أئمّة المساجد أن يتّقوا الله تعالى في هذه الأمانة الّتي تحمّلوها، ولا يغرّنّكم ما أنتم فيه من أبّهة الإمامة أو المنصب لأنّ الله سيسألكم عن هذه الأمانة فأعدّوا للسّؤال جواباً، وماذا عساكم تجيبون، فالله الله لا يُؤتى الإسلام من قبلكم فإنّ في تضييع الإمامة تعطيلاً لبيوت الله تعالى وأوّل نكسة وأعظمها للأمّة هي تعطيل المساجد لتصبح صوراً وأبنية جامدة لا حياة فيها وإنّما هي صورة للبلد المسلم فقط، كما أنّ الكنائس تميّز البلد النّصراني، فلا دور لها في الحياة العامّة فإذا دخلها النّصراني فلا علاقة لما يفعله بداخلها بما يحدث خارجها، وهذا ما يحصل إذا تعطّلت المساجد عن أداء رسالتها الحقيقيّة قال الله تعالى: ? ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلاّ خائفين لهم في الدّنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم?.

() هذه هي صفة الاستواء في رصّ الصّفوف، وهو من واجبات صلاة الجماعة، و من تمام الصّلاة الواجب، وتركه نقصٌ في الصّلاة كما يأتي عن المؤلّف، والصّفة كما ذكر الإمام تتضمّن ثلاثة أمور: أوّلها: إلزاق الكعب بالكعب، والكعب هو العظم النّاتىء في جانبي القدم، والمراد إلزاق الكعب النّاتىء خارجاً مقابل كعب المصلّي الّذي بجوارك، والحكمة أنّ الكعب هو مركز وسط الجسم فمساواته تعني مساواة الجذع كلّه فترى الصّفّ كأنّه بنيان فعلاً، وأمّا ما يفعله كثير من النّاس من مساواة أصابع القدم فهذا خلاف السّنّة لأنّ أقدام النّاس مختلفة في الطّول ولإن رأيت الصّفّ مرصوصاً من جهة النّظر إلى أقدام المصلّين فإنّه معوجّ من جهة أجسامهم وجذوعهم، والصّفة الّتي قدّمناها أوّلاً هي الّتي جاءت في السّنّة كما أنّها الّتي تؤدّي الغرض من تراصّ الصّفوف وعدم اعوجاجها، ولا يفوت التّنبيه على التّعمّق الّذي يفعله البعض من إلزاق الأكعب جدّاً حتّى تصير قدما الواحد منهم متقابلتين، فيضيّع سنّة استقبال القبلة بالقدم هذا أوّلاً، وثانياً: أنّ أرجل بعض النّاس غير مستوية في الخلقة ويؤدّي إلزاق الكعب عندها إلى مشقّة وترك استقبال القبلة بالقدم، ولا شكّ أنّ مثل هذا يُعفى عنه شرعاً، فينبغي أن نمسك العصا من الوسط، كما أنّ هذا الإلزاق مطلوب في حال القيام فقط، فكلّما قام المصلّي من ركعة عاد إلى الإلزاق، وليس مطلوباً منه أن يلزق الكعب الكعب في كلّ الصّلاة إذ في هذا مشقّة بالغة وشغل للمصلّي عن الخشوع، كما أنّه من الثّابت أنّ السنّة للسّاجد رصّ قدميه وهذا يعني بعدهما عن قدمي جاره.

والثّاني: إلزاق المنكب بالمنكب إلزاقاً لا يضرّ بجارك ولا يترك بينك وبينه فرجة، ولذلك نبّه عليه الصّلاة والسّلام إلى هذا بقوله: (لينوا بأيدي إخوانكم) أخرجه أبوداود في الصّلاة ح666، أقول هذا لأنّ بعض النّاس وفّقهم الله من حرصهم على الصّفّ المتقدّم يفرّق بين اثنين فرجة لا تتّسع له فيضيّق على إخوانه حتّى تختلف أضلاع الواحد منهم بسبب الضّيق الّذي أحدثه هذا الدّخيل، وإذا أُنكر عليه قال: السّنّة إلزاق المنكب بالمنكب، قلنا: نعم ولكنّ هذا مشروط بالاستطاعة وعدم المشقّة والإضرار بأصل مقصود الصّلاة وهو الخشوع.

والثّالث: عدم ترك فرجة بين المصلّي وبين من بجواره، وقد ذكرها كلّها المؤلّف رحمه الله.

() أخرجه أحمد 3/ 260و283 وأبوداود في الصّلاة باب تسوية الصّفوف، والنّسائي في الإمامة باب حثّ الإمام على رصّ الصّفوف والبغوي في شرح السّنّة ح813 وقال: الحذْف غنم صغار واحدتها حذفة، عن أنس رضي الله عنه وله شاهد من حديث البراء أخرجه أحمد 4/ 297، وأصله في غيره دون ذكر الحذف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير