تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقال ثانيًا: المذهب لا يُعرف كونه حقًا بكثرة المتبعين له؛ قال تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ}.

وإنما يعرف كونه حقًا بمطابقته للكتاب والسنة.

وما عليه الأشاعرة في الصفات ليس مطابقًا للكتاب والسنة.

6 – يرى أن الأسلم تفويض الصفات إلى علاَّم الغيوب، وينسب هذا إلى السلف، فيقول: " يؤمن السلف الصالح بجميع ما ورد من آيات الصفات وأحاديث الصفات ويفوضون علم ذلك إلى الله تعالى. . . ". إلى أن قال: " قد اشتهر بأنه مذهب أهل التفويض ومذهب أهل السلف الصالح ".

ثم نقل عن الإمام أحمد والإمام مالك - رحمهما الله - كلاما يظن أنه يؤيد ما يقول، حيث نقل عن الإمام أحمد قوله " أخبار الصفات تُمَرُّ كما جاءت؛ بلا تشبيه ولا تعطيل؛ فلا يقال: كيف؟ ولم؟ نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء، وكما شاء، بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحدُّها حادُّ، نقرأ الآية والخبر، ونؤمن بما فيهما، وندع الكيفية في الصفات إلى علم الله ".

ثم نقل قول الإمام مالك: " الاستواء معلوم، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعه ". انتهى.

- والجواب عن ذلك: أن إطلاق أن مذهب السلف هو التفويض إطلاق خاطئ، وجهل بمذهب السلف، لأن السلف لا يفوضون معنى الصفات، لأنه معلوم لديهم، وإنما يفوضون كيفية الصفات؛ كما جاء في كلام هذين الإمامين الذي نقله فضيلة الشيخ.

فالإمام أحمد يقول: " نقرأ الآية والخبر، ونؤمن بما فيهما، وندع الكيفية في الصفات إلى علم الله "، فالمفوض هو الكيفية فقط.

وكذلك الإمام مالك يقول: " الاستواء معلومٌ "؛ أي: معلوم معناه. " و الكيف مجهول "؛ فصار المفوض هو الكيفية.

وهذا هو اعتقاد السلف في جميع الصفات، يعلمون معناها، ويعتقدونه، ويؤمنون به كما جاء، لا يؤولونه عن ظاهره، ويفوِّضون الكيفية إلى علم الله تعالى.

7 – ثم يتناقض الشيخ بعد ذلك، فبينما قرَّر فيما سبق أنه مقتنع بعقيدة التفويض، وأنها عقيدة السلف – كما يزعم -؛ إذا هو بعد ذلك يخرج عن التفويض، ويقول: " ولكننا نعتقد بتنزيه الله عن الجوارح، فلا يسمع بصماخ الأذن، ولا يرى بحدقة العين، ولا يتكلم بلسان من قطعة لحم وحنجرة يخرج منها الصوت؛ كما هو حال الخلق والعباد، بل هذه الأمور مستبعدة عن الله جل وعلا ".

- ونقول له: ما دمتَ قد فوضت في الصفات؛ فلماذا تدخل في هذه التفصيلات، مع أن التفويض معناه السكوت عن تفسيرها؟!

- وإذا كان قصدك تنزيه الله عن مشابهة الخلق؛ فاكتف بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}، فتجمِل النفي كما أجمله الله في كتابه، دون أن تقول: ليس كذا، وليس كذا. . . إلخ.

- 8 – يتهجَّم على الذين يُثبِتون الصفات، ويقول: " إنهم يصوِّرون الله بصورة غريبة عجيبة، ويجعلون الله تعالى كأنه جسم مركَّب من أعضاء وحواس، له وجه ويدان وعينان، وله ساق وأصابع، وهو يمشي وينزل ويهرول، ويقولون في تقرير هذه الصفات: إن الله يجلس كما يجلس الواحد على السرير، وينزل كما ينزل أحدنا على الدرج؛ يريد أحدهم –بزعمه _ أن يقرر مذهب السلف الصالح للتلاميذ، ويثبت لهم حقيقة معنى الاستواء والنزول، وأنه جلوس حِسِّيّ، لا كما يتأوله المتأولون " انتهى كلامه.

- والجواب: إن لفظ الجسم والتركيب والأعضاء والحواس لم يرد في كتاب الله وسنة رسوله نفيه ولا إثباته، ونحن نثبت ما أثبته الله لنفسه، وننفي ما نفى عن نفسه، ونمسك عما عدا ذلك. أما الوجه واليدان والعينان والساق والأصابع والنزول؛ فهذه قد أثبتها الله لنفسه، وأثبتها له رسوله - صلى الله عليه وسلم - فنحن نثبتها كما جاءت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير