فالفاسي قد وقف على هذا " الذيل " ونقل منه، ولم يجزم هل هو ذيل لتاريخ الإسلام أم للسير، إذًا فالتردد قديم قبل أن يولد عبد القادر القرشي، إذ ولد سنة (836) وتوفي الفاسي سنة (832)، فلم يتفرد عبد القادر يخطئ!!
2 - وممن ذكر أن للذهبي ذيلاً على " تاريخ الإسلام " الحافظ السخاوي (902) – قرين القرشي – فقال في " الإعلان بالتوبيخ " (5): " وللحافظ أبي عبد الله الذهبي " تاريخ الإسلام " في زيادة على عشرين مجلد بخطه، و " سير النبلاء " في مجلدات، و " دول الإسلام " مجيليد، والإشارة دونه، وله ذيل على كل منها … " اهـ.
فهذ النص يفيد – مما يفيده – أن للذهبي ذيلاً على " تاريخ الإسلام " فلم يتفرد القرشي إذًا. وقد قال الباحث في مقالته: إن السخاوي من أهل الدراية بآثار الذهبي، وصدق فيما قال.
3 - ومما يمكنني أن أذكره ممن أثبت للذهبي ذيلاً على تاريخ الإسلام شيوخ: شيوخ عبد القادر القرشي الذين أخبروه كتابة ومشافهة: أن الذهبي قال عن هذا الذيل: " هذا مجلد ملحق تاريخ الإسلام، شبه الذيل عليه " (6) اهـ. وهذا الدليل لم أجعله مستندًا قويصا – في مناقشتي هذه على الأقل -، لأنه من موضع النزاع، والاستدلال بموضع النزاع مدخول، وسيأتي مزيد بيان لهذه النقطة بعد قلبل.
فالقرشي – على هذا – بريئ مما حمله الباحث، فهو في تسميته للكتاب بـ " ذيل تاريخ الإسلام " لم يكن قائلاً بل ناقل عن أشياخه أولائك الذين كاتبوه وشافهوه، وكذلك شيوخه لم يقولوا هذا اجتهادًا من عند أنفسهم بل هم ناقلون عن الذهبي إنه قال: كذا وكذا … فأي خطأ يكون من عبد القادر وأين التفرد الذي وصم به؟!
وهذا في نظري كافٍ لإبطال نتيجة الباحث التي قطع بها، وأصبح مجال الشك في تلك النتيجة والرد بل كبيرًا.
القرينة الثانية: أن قول عبد القادر القرشي – ناسخ الكتاب -: " أخبرني غير واحد مشافهة وكتابة (كذا بالأصل وليس: مكاتبة) عن الإمام الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد … قال: هذا مجلد ملحق تاريخ الإسلام شبه الذيل عليه، فيه نحو من أربعين سنة .. " اهـ.
فقال الباحث: إن هذا منقطع بين شيوخ عبد القادر والذهبي، إذ لم يدرك أحد منهم زمانه، فلا سماع لهم ولا إجازة، وشيوخ عبد القادر هم الحافظ ابن حجر والعيني ومن في طبقتهم.
فنقول: دعوى الانقطاع صحيحة لو هم ادعوا السماع أو الإجازة من الذهبي وهم لم يزعموا ذلك ولن يزعموه، لوضوح الانقطاع وانتفاء المعاصرة فلم يبق إلا أن هذا الكتاب – " الذيل " – قد وقع لهم وجادة، فرووه عن صاحبه كما وجدوه، وعلى هذا الصنيع جرى عامة المتأخرين فيما ينسبونه من الكتاب والأقوال إلى أصحابها، فإنه كان الناقل متثبت جاز له الجزم بنسبه من الكتب والأقوال إلى أصحابها، فإن كان الناقل متثبت جاز له الجزم بنسبته من الكتب والأموال إلى أصحابها، فإن كان الناقل متثبت جاز له الجزم بنسبة ذلك إلى بقرائن (7). وقد يقع في ذلك تسامح وتساهل.
وبهذا يتبين أن دعوى الانقطاع في غير مكانها، وأن ما أخبر به أولئك المشيخة إنما هو وجادة.
القرينة الثالثة: معارضة تسمية عبد القادر القرشي للكتاب بتسمية الحافظ ابن حجر له في " الدرر الكامنة "، إذ ذكره في مصادره في فاتحة كتابه وسماه " ذيل سير أعلام النبلاء " وبمقارنة النصوص التي ينقلها الذهبي تبين أنها من هذا الجزء.
فأقول: أما المعارضة فلا تتم، لأن الذي سما بذلك الاسم ليس هو عبد القادر القرشي، بل هو ناقل عن شيوخه: أن الحافظ الذهبي قال: كذا وكذا. فلو سلمنا المعارضة لكانت تكون بين شيوخ عبد القادر وبين الحافظ ابن حجر، ومن هم شيوخ عبد القادر؟ إن هم إلا الحافظ ابن حجر نفسه، والعيني وطبقتهم؟! فيكون التعارض بين أصحاب طبقة واحدة فلا مزية لأحد منهم على الآخر إلا بمرجح خارجي. هذا إذا لم نرجح كفة " شيوخ عبد القادر "، لأنهم عدد، والحافظ واحد. ثم هؤلاء الشيوخ لم يقولوه من عند أنفسهم بل نسبوا ذلك إلى الذهبي – كما سلف -.
فإذا ضممنا هذا إلى ما سبق من ذكر الفاسي لهذا الذيل ونقله عنه، وتردده في شأنه، ومن ذكر السخاوي له تبين لنا ضعف تلك المعارضة أو مساواتها على أقل الأحوال.
¥