قال السلفي رحمه الله تعالى: فإن نفرا من العلماء لما رأو ورووا قول أطهر منسل وأفضل مرسل: " من حفظ على امتي أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة فقيها " من طرق وثقوا بها وعولوا عليها، وعرفوا صحتها وركنوا إليها، خرج كل منهم لنفسه " أربعين " حتى قال إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي: اجتمع عندي من الأربعينيات ما ينيف على السبعين.
وقال السلفي: وقد استفتيت شيخنا الإمام أبا الحسن على بن حمد الكيا الطبري في رجل أوصى بثلث ماله للعلماء والفقهاء، هل تدخل كتبة الحديث في وصيته؟
فكتب بخطه تحت السؤال: نعم وكيف لا؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من حفظ على أمتي أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة فقيها ".
إلا أن هذا الكلام لم يعتمد والراجح في حال الحديث ما قدمناه عن الأئمة الذين ضعفوه.
قال صديق حسن خان في أبجد العلوم (2/ 335): وهذا الحديث من جميع طرقه ضعيف عند محققي اهل الحديث لا يعتمد عليه ولا يصير اليه الا من لم يرسخ في علم الحديث قدمه ا. هـ
قلت: وانظر في ذلك المقاصد الحسنة (411) وكلام الألباني رحمه الله تعالى في تعليقه على المشكاة (1/ 86) ومعجم مصطلحات الحديث لمحمد ضياء الأعظمي (27).
غير أن بعض العلماء عمل بها استئناسا مع علمه بضعفها كالإمام النووي وابن حجر في كتابه الأربعين المتباينة والأربعين العوالي ومنهم الإمام السيوطي صاحب كتابنا.
ترجمة المصنف
هو الإمام الحافظ الفذ أبو الفضل عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر الخضيري الشافعي العالم العلامة الحبر البحر أعجوبة الدهر صاحب المؤلفات الحافلة الجامعة المتقنة التي قاربت ستمائة مصنف، وقد تداولها الناس وتلقوها بالقبول واشتهرت وعم النفع بها.
ولد السيوطي رحمه الله بالقاهرة سنة تسع وأربعين وثمانمائة وتوفي سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ونشأ يتيما وحفظ القرآن وله دون ثمان سنين، ثم حفظ العمدة ومنهاج الفقه والأصول وألفية ابن مالك وشرع في الاشتغال بالعلم مستهل سنة أربع وستين وثمانمائة.
وأول شئ ألفه كان شرح الاستعاذة والبسملة، ولازم الشيخ البلقيني وقرأ عليه في تدريس والده وسمع عليه غيره وأجازه بالتدريس والإفتاء.
ولزم بعده الشرف المناوي والتقي الشمني،وفرض له على شرحي الألفية وجمع الجوامع وشهد له بالتقدم في العلوم، ورزق التبحر في ثمانية علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو المعاني والبيان والبديع واللغة.
وسافر إلى الشام والحجاز واليمن والهند المغرب والتكرور.
وأفتى من سنة إحدى وسبعين وثمانمائة.
قيل إنه كان يغض من الشهاب القسطلاني لأنه كان يستمد من كتبه ولا ينسب النقل إليه.
وتوفي بالقاهرة وكان له مشهد عظيم، ودفن في حوش قوصون خارج باب القرافة.
قال في البدر الطالع: هو الإمام الكبير صاحب التصانيف أجاز له أكابر علماء عصره من سائر الأمصار وبرز في جميع الفنون وفاق الأقران، واشتهر ذكره وبعد صيته، وتصانيفه من الفنون مقبولة قد سارت في الأقطار مسير النهار، ولكن لم يسلم من حاسد لفضله وجاحد لمناقيه، فإن السخاوي وهو من أقرانه ترجمه ترجمة مظلمة غالبها ثلب فظيع وسب شنيع وانتقاص وغمط.
قال صديق حسن خان: إن مؤلفاته سارت بها الركبان ورفع الله له من الذكر الحسن والثناء الجميل ما لم يكن لأحد من معاصريه.
وذكر السيوطي رحمه الله في ترجمته لنفسه في حسن المحاضرة أن مصنفاته بلغت ثلاثمائة سوى ما غسله ورجع عنه وقد ذكر أكثر من ذلك في فهرسة مؤلفاته، وفي الكتب التي ترجمت له أن مؤلفاته تزيد على خمسمائة مصنف، وعد بروكلمان في تاريخ الأدب العربي خمسة عشر وأربعمائة مصنف منها مطبوع ومنها مخطوط، وأما فلوغل فذكر له ستين وخمسمائة مؤلف ما بين كتب ورسائل ومقامات وغير ذلك.
وأغلب كتبه رحمه الله تعالى جمع وتلخيص واختصار وتعليق والصغار منها كثير جدا بل غالبها، لذلك زاد العدد ومن كتبه ما بلغ فيه غاية الإتقان والاجتهاد وفيه ابتكار واختراع ولم ينسج على منواله.
وقد طبع من كتبه الكم الكثير.
مصادر ترجمته رحمه الله تعالى:
1 – حسن المحاضرة (1/ 188).
2 – الضوء اللامع (4/ 65).
3 – تاريخ ابن إياس (4/ 83).
4 – شذرات الذهب (8/ 51).
5 – الكواكب السائرة (1/ 226).
6 – آداب اللغة (3/ 288).
وغيرها كثير.
المصدر 000 ( http://www.alislam4all.com/index.php?cat=01&act=01&id=40)