فهلا اتقى الله وخاف عقابه، وإن من أفضح فضيحة في الدين نقل مثل هذه الاسرائيليات عن المتهورين، فإنه لا طريق فيما ذكر عن دانيال إلا عنهم، ولا رواية تؤخذ في ذلك إلا عنه أهـ.
5 - موقف العلماء من هذا الطرح التطفلي:
ما كان العلماء الأثبات ليقفوا مكممين أمام هذه الظاهرة المخيفة، فقد تناولوها بالتحرير والبيان، وتناولوا أصحابها بالتجريح والتشهير، ولم يشفع عندهم أن يكون الكاتب مثل أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي في علمه وفضله.
وإنني لأتعجب حين أقرأ كيف أن الإمام الذهبي يذكر في ديوان الضعفاء رجلا لأنه خاض هذه المهامه، وولج هذه اللجة، فذكره في كتاب: ميزان الاعتدال في جرح الرجال، مع أنه كتاب مخصص للرواة وهذا ليس له رواية، ولكن ليحذر الأمة من هذا الفكر التطفلي ومن أهله.
قال في ترجمة علي بن أحمد الحراني المغربي: صنف تفسيرا وملأه بحقائقه ونتائج فكره، وكان الرجل فلسفي التصوف، وزعم أنه يستخرج من علم الحروف، وقت خروج الدجال ووقت طلوع الشم من مغربها، وهذه علوم وتحديدات ما علمتها رسل الله بل كل منهم حتى نوح يتخوف من الدجال وينذر أمته الدجال، وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه، وهؤلاء الجهلة إخوته يدعون معرفة متى يخرج، نسأل الله السلامة.
وللعلامة القرطبي معقبا على آثار طريقها على الأحبار، يستدل بها بعض الناس على توقيت المغيبات: … ومنه – أي ما ورد في الكتاب - تعيين التاريخ، وقد كان سنة تسع وتسعين وخمسمائة ولم يكن شيء من ذلك … والذي ينبغي أن يقال به في هذا الباب أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن والكوائن أن ذلك يكون، وتعيين الزمان في ذلك من سنة كذا يحتاج إلى طريق صحيح يقطع العذر، وإنما ذلك كوقت قيام الساعة فلا يعلم أحد أي سنة هي، ولا أي شهر، أما أنها تكون في آخر ساعة منه وهي الساعة التي خلق فيها آدم، ولكن أي جمعة لا يعلم تعيين ذلك اليوم إلا الله، وكذلك ما يكون من الأشراط تعيين الزمان لها لا يعلم، والله أعلم.
ونحن نرى أن الكلام عن المعركة الفاصلة مع اليهود ونحوها من الأمور المنشرة على الألسن من هذه الأشراط التي لا يعلمها أحد مهما تكلف لها، والواجب على كل كاتب أن يستعيذ من التكلف لما لا يحسن، والتهجم على مالا يعلم.
6 - سلبيات على المجتمع الإسلامي:
إن في طرح مثل هذه الأفكار التطلعية عمل في النفوس شبيه بعمل المخدر، يستشري في جسد الأمة فيبعث فيها الأماني، ويحرك فيها التواكل، ويدعوها إلى الكسل، إذ أن الأمر محسوم، والقضية منتهية، فقد فرغ الأمر وانتهى، وفي ذلك من السلبيات على العمل الإسلامي ما يدركه كل من عنده أقل مسكة من عقل.
وأنا أحسب أن الباعث على مثل هذا هو ما يعيشه كثير من الصالحين من هزيمة نفسية تولدت عن معركة مع الواقع الاسلامي والعربي، وكأني بالكاتب قد أطلق العنان لفكره كي يرسم تطلعاته في لوحة مستقبلية، يلبسها جلباب العلم، ويحليها بالأدلة السماوية.
وهو أولا وآخرا ناتج عن ترف فكري ولا شك.
انتهى الموضوع، والله الموفق وصلى الله وسلم على النبي وعلى آله وصحبه.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[23 - 04 - 05, 10:21 ص]ـ
جزاكم الله خيراً شيخنا أحمد، وبارك فيكم، وفي علمكم.
ـ[عبد الرحمن بن محمد السبيعي]ــــــــ[14 - 07 - 10, 06:10 م]ـ
جزاكَ الله خيراً.
ـ[احمد بن فارس السلوم]ــــــــ[14 - 07 - 10, 09:42 م]ـ
وجزاك خيرا
ومالك تفتح ملفات قديمة!
(هنا ابتسامة لطيفة لكن لا أعرف من أين أضعها فكتبتها لك)!
ـ[عبد الرحمن بن محمد السبيعي]ــــــــ[14 - 07 - 10, 10:05 م]ـ
نفعَ الله بِكَ،
اقتنيتُ (بيان السبب الموجِب لاختِلاف القراءاتِ، وكثرة الطرقِ والرِّواياتِ)
للمهدويّ المُقرئ.
ويليهِ (جواب سؤال عن المرادِ بالأحرفِ السبعة) لأبي العباس ابنِ تيميّة.
بتحقيق / أحمدَ بنِ فارسٍ السَّلُّومِ - سلَّمَهُ الله -.
فلمَّا نظرتُ فيهِ وراقَتْني حواشيه، فإذا في الملتقى (أحمد) صاحب التحقيق، فدخلتُ صفحتَكَ، لأنظرَ في موضوعاتِكَ، ومِنها هذا الموضوعُ النَّافعُ - نفعَ الله بِكَ -
مُحِبُّكَ.